لها وبها بساتين كثيرة وفواكه وقصب سكر وبها مطاحن على نهرها المتقدم ذكره وبينها وبين البحر ثلاثة أميال وحصنها كبير وعيش أهلها خصيب رغد وبناؤها بالجص والتراب والخير بها كثير.
وأما أرض حمص فإن مدينتها حمص وهي مدينة حسنة في مستو من الأرض وهي عامرة بالناس والمسافرون يقصدونها بالأمتعة والبضائع من كل فن وأسواقها قائمة ومسرات أهلها دائمة وخصبهم رغد ومعايشهم رفيقة وفي نسائها جمال وحسن بشرة وشرب أهلها من ماء يأتيهم في قناة من قرية بقرب جوسية والمدينة منها على مرحلة مما يلي دمشق ونهر الأرنط المسمى المقلوب يجري على بابها بمقدار رمية سهم أو أشف قليلا ولهم عليه قرى متصلة وبساتين وأشجار وأنهار كثيرة ومنها تجلب الفواكه إلى المدينة وكانت في مدة الإسلام من أكثر البلاد كروما فتلف أكثرها وثراها طيب للزراعات واقتناء الغلات وهواؤها أعدل هواء يكون بمدن الشام وهي مطلسمة لا تدخلها حية ولا عقرب ومتى أدخلت على باب المدينة هلكت على الحال وبها على القبة العالية الكبيرة التي في وسطها صنم نحاس على صورة الإنسان الراكب يدور مع الريح حيث دارت وفي حائط القبة حجر عليه صورة عقرب فإذا جاء إنسان ملدوغ أو ملسوع طبع في ذلك الحجر الطين الذي يكون معه ثم يضع الطين على اللسعة فتبرأ للحين وجميع أزقتها وطرقها مفروشة بالحجر الصلد وزراعاتها مباركة كثيرة وزروعها تكتفي باليسير من السقي وبها مسجد جامع كبير من أكبر جوامع مدن الشام.