إلا عمارة ما دار بالمسجد الجامع الذي فيها وحكى بعض التجار المسافرين إليها أنه اشترى التمر بها في عام ستة وثلاثين وخمسمائة خمسمائة رطل بدينار.
وبها نهر يعرف بنهر الأبلة طوله اثنا عشر ميلا وهو مسافة ما بين البصرة والأبلة وعن جانبي هذا النهر قصور وبساتين متصلة كأنها بستان واحد ويحويها حائط واحد وينصب إلى هذا النهر عدة أنهار كثيرة مما تقاربه أو تقاومه في الكبر وجميع نخلها في اعتداد قدوده ونضارة فروعه كأنما أفرغ في قالب واحد أو غرس سائره في يوم واحد وجميع أنهار البصرة المحيطة بشرقيها يصب بعضها في بعض ويتشعب بعضها من بعض وأكثرها يدخله المد والجزر من البحر فإذا كان المد دخل الماء من البحر وتراجعت مياه الأنهار فصبت في البساتين والمزارع وسقتها وإذا كان الجزر انحجزت وعادت الأنهار جارية على حسب عادتها ومنها انهار كثيرة محتفرة لا يجري بها ماء وإنما يدخلها ردع المياه الواصلة إليها مع المد والغالب على مياه هذه الأنهار الملوحة.
والأبلة مدينة على هذا النهر من إحدى جهاتها بل هو منها في شمالها وجانبها الآخر وهو الشرقي على غربي دجلة وهي صغيرة المقدار حسنة الديار واسعة العمارة متصلة البساتين والضياع عامرة بالناس وأهلها مياسير وعندهم خصب من العيش ورفاهة ودعة ومن أسفل الأبلة المفتح والمذار على ضفة دجلة وهي مدن متقاربة القدر متشابهة العظم عامرة بالأسواق والتجارات