يستعملونها لحوم الإبل طريّة ومقددة ومطحونة ويطبحونها بألبان النوق وأما السمك فكثير عندهم جدا وفي بلادهم الزرائف والفيلة والغزلان.
ومن بلاد النوبة مدينة علوة وهي على ضفة النيل أسفل من مدينة دنقلة وبينهما مسير خمسة أيام في النيل وماؤهم من النيل وشربهم منه وبه يزرعون الشعير والذرة وسائر بقولهم من السلجم والبصل والفجل والقثاء والبطيخ وحال علوة في هيأتها ومبانيها ومراتب أهلها وتجاراتهم مثل ما هي عليه حالات مدينة دنقلة وأهل علوة يسافرون إلى بلاد مصر وبين علوة وبلاق عشرة أيام في البر وفي النيل أقل من ذلك انحدارا وطول بلاد النوبة على ساحل النيل مسير شهرين وأكثر وكذلك أهل علوة ودنقلة يسافرون في النيل بالمراكب وينزلون أيضا إلى مدينة بلاق في النيل.
ومدينة بلاق من مدن النوبة وهي بين ذراعين من النيل وأهلها متحضرون ومعايشهم حسنة وربما وصلت إليهم الحنطة مجلوبة والشعير والذرة عندهم ممكن كثير موجود وبمدينة بلاق يجتمع تجار النوبة والحبشة وتجار أرض مصر يسافرون إليها إذا كانوا معهم في صلح وهدنة ولباس أهلها الأزر والمآزر وأرضها تسقى بالنيل وماء النهر الذي يأتي من بلاد الحبشة وهو واد كبير جدا يمد النيل وموقعه بمقربة من مدينة بلاق وفي الذراع المحيط بها وعليه مزارع أهل الحبشة وكثير من مدنها وسنذكرها فيما بعد بعون الله تعالى وليس في مدينة بلاق مطر ولا يقع فيها غيث البتة وكذلك سائر بلاد السودان من النوبة والحبشة والكانميين والزغاويين وغيرهم من الأمم لا يمطرون ولا لهم من الله رحمة ولا غياث إلا فيض النيل وعليه يعولون في زراعة