والبحر الشامي فيما يحكى أنه كان بركة منحازة مثل ما هو عليه الآن بحر طبرستان لا يتصل ماؤه بشيء من مياه البحور وكان أهل المغرب الأقصى من الأمم السالفة يغيرون على أهل الأندلس فيضرون بهم كل الإضرار وأهل الأندلس أيضا يكابدونهم ويحاربونهم جهد الطاقة إلى أن كان زمان الإسكندر ووصل إلى أهل الأندلس فأعلموه بما هم عليه من التناكر مع أهل السوس فأحضر الفعلة والمهندسين وقصد مكان الزقاق وكان أرضا جافة فأمر المهندسين بوزن الأرض ووزن سطوح ماء البحرين ففعلوا ذلك فوجدوا البحر الكبير يشف علوه على البحر الشامي بشيء يسير فرفعوا البلاد التي على الساحل من بحر الشام ونقلها من أخفض إلى أرفع ثم أمر أن تحفر الأرض التي بين بلاد طنجة وبلاد الأندلس فحفرت حتى وصل الحفر إلى الجبال التي في أسفل الأرض وبنى عليها رصيفا بالحجر والجيار إفراغا وكان طول البناء اثني عشر ميلا وهو الذي كان بين البحرين من المسافة والبعد وبنى رصيفا آخر يقابله مما يلي أرض طنجة وكان بين الرصيفين سعة ستة أميال فقط فلما أكمل الرصيفين حفر للماء من جهة البحر الأعظم فمر ماؤه بسيله وقوته بين الرصيفين ودخل البحر الشامي ففاض ماؤه عليه وهلكت بذلك مدن كثيرة كانت على الشطين معا وغرق أهلها وطغا الماء على الرصيفين نحو احدى عشرة قامة.
فأما الرصيف الذي يلي بلاد الأندلس فإنه يظهر في أوقات صفاء البحر