ساقية هي الآن بها باقية الأثر لا ماء بها فتوضع صحاف الذهب والفضة بأنواع الطعام في تلك الساقية على الماء حتى تخرج بين يدي الملكة فترفع على الموائد ثم إذا فرغ عن أكل ما فيها وضعت في الساقية فتستدير إلى أن تصل إلى يد الطباخ بدار الطبخ فيرفعها بعد غسلها ثم يمر بقية ذلك الماء في سروب القصر ومن أغرب الغريب جلب الماء الذي كان يأتي إلى القصر على عمد مبنية تسمى الأرجالات وهي أعداد كثيرة باقية إلى الآن قائمة على قوام لم تخل بها الأزمان ولا غيرتها الدهور ومنها قصار ومنها طوال بحسب الأماكن التي وجب فيها البناء وأطولها يكون غلوة سهم وهي على خط مستقيم وكان الماء يأتي عليها في قني مصنوعة خربت وفنيت وبقيت تلك الأرجالات قائمة يخيل إلى الناظر إليها أنها من حجر واحد لحكمة اتقانها وتجويد صنعتها وفي وسط هذه المدينة أحناء قوس يدخل عليه الفارس بيده علم قائم عدد أحجاره أحد عشر حجرا فقط في كل عضادة منها ثلاثة أحجار وفي القوس أربعة أحجار حنيات وواحد قفل فكانت الجملة أحد عشر حجرا وفي الجنوب من سور المدينة قصر آخر صغير وفي برج منه كان مكان مرآة كانت الملكة ماردة تنظر إلى وجهها فيه ومحيط دوره عشرون شبرا وكان يدور على حرفه وكان دورانه قائما ومكانه إلى الآن باق ويقال إنما صنعته ماردة لتحاكى به مرآة ذي القرنين التي صنعها في منار الاسكندرية.
ومن مدينة ماردة إلى قنطرة السيف يومان وقنطرة السيف من عجائب الأرض وهو حصن منيع على نفس القنطرة وأهلها متحصنون فيه ولا يقدر