أحضروا بين يدي الملك فسألهم عما سألهم الترجمان عنه فأخبروا بما أخبروا به الترجمان بالأمس من أنهم اقتحموا البحر ليروا ما به من الأخبار والعجائب ويقفوا على نهايته فلما علم الملك ذلك ضحك وقال للترجمان خبر القوم أن أبي أمر قوما من عبيده بركوب هذا البحر وأنهم جروا في عرضه شهرا إلى أن انقطع عنهم الضوء وانصرفوا من غير حاجة ولا فائدة تجدي ثم أمر الملك الترجمان أن يعد القوم خيرا وأن يحسن ظنهم بالملك ففعل ثم انصرفوا إلى موضع حبسهم إلى أن بدأ جري الريح الغربية فعمر بهم زورق وعصبت أعينهم وجرى بهم في البحر برهة من الدهر قال القوم قدرنا أنه جرى بنا ثلاثة أيام بلياليها حتى جيء بنا إلي البر فأخرجنا وكتفنا إلى خلف وتركنا بالساحل إلى أن تضاحى النهار وطلعت الشمس ونحن في ضنك وسوء حال من شدة الكتاف حتى سمعنا ضوضاء وأصوات ناس فصحنا بجملتنا فأقبل القوم إلينا فوجدونا بتلك الحال السيئة فحلونا من وثاقنا وسألونا فأخبرناهم بخبرنا وكانوا برابر فقال لنا أحدهم أتعلمون كم بينكم وبين بلدكم فقلنا لا فقال إن بينكم وبين بلدكم مسيرة شهرين فقال زعيم القوم وا أسفي فسمي المكان إلى اليوم آسفي وهو المرسى الذي في أقصى المغرب وقد ذكرناه قبل هذا.
ومن مدينة لشبونة مع النهر إلى مدينة شنترين شرقا ثمانون ميلا والطريق بينهما لمن شاء في النهر أو في البر وبينهما فحص بلاطة ويخبر أهل لشبونة وأكثر أهل الغرب أن الحنطة تزرع في هذا الفحص فتقيم في الأرض أربعين