سائر بلاد الله في المشرق والمغرب وصبرها ينسب إليها وبها يعرف.
وأما جزيرة خرتان وجزيرة مرتان اللتين قدمنا ذكرهما فهما في جون الحشيش بالمحاذاة إلى بلاد الشحر التي فيها منابت اللبان وهاتان الجزيرتان معمورتان يسكنهما قوم من العرب قد أقاموا فيهما وقنعوا بهما وهم يتكلمون بألسنة عادية قديمة لا تعرفها العرب في وقتنا هذا وأهل هاتين الجزيرتين في قشف وضيق عيش ونكد حال أيام الشتاء إلى أن تكون أيام الأسفار في البحر فيركبون في مراكبهم إلى أرض عمان وعدن وساحل اليمن فتتسع أحوالهم ويحسن عيشهم قليلا وكثيرا ما يقع إليهم العنبر الجيد فيبيعونه من التجار المسافرين إليهم وربما قصدوا به إلى بلاد اليمن بأنفسهم فيبيعونه هناك بأرفع قيمة ويخرج من هاتين الجزيرتين الذبل والذيلعان وهو ضرب من الذبل وظهور السلاحف يتخذ منها أهل اليمن قصاعا لغسلهم وخبزهم.
وأما بلاد اليمن الواقعة في هذا الجزء فمنها مخلاف الحردة وهو حصن على البحر والعرب تسمي الحصن مخلافا والحردة حصن صغير وناسه قليلون وعيشهم اللحوم والألبان والتمر ومعايشهم ضيقة ومنه إلى مخلاف غلافقة في البر أربع مراحل وأهل هذا الحصن حضر وهو على مرسى زبيد ومنه إلى زبيد خمسون ميلا.
ومدينة زبيد مدينة كبيرة وأهلها مياسير أهل ثروة ومال والمسافرون إليها كثيرون وبها يجتمع التجار من أرض الحجاز وأرض الحبشة وأرض