وخارجها ثلاث مائة عمود بين صغير وكبير وفي أعلى الصومعة بيت له أربعة أبواب مغلقة يبيت فيه كل ليلة مؤذنان وللصومعة ستة عشر موذنا يؤذنون فيها بالدولة لكل يوم مؤذنان على توال وفي أعلى الصومعة على القبة التي على البيت ثلاث تفاحات ذهب واثنتان من فضة وأوراق سوسنية تسع الكبيرة من هذه التفاحات ستون رطلا زيتا ويخدم الجامع كله ستون رجلا وعليهم قائم ينظر في أمورهم وهذا الجامع متى سها إمامه لا يسجد لسهوه قبل السلام بل يسجد بعد السلام.
ومدينة قرطبة في حين تأليفنا لهذا الكتاب طحنتها رحي الفتنة وغيرها حلول المصائب والأحداث مع اتصال الشدائد على أهلها فلم يبق بها منهم الآن إلا الخلق اليسير ولا بلد أكبر اسما منها في بلاد الأندلس.
ولقرطبة القنطرة التي علت القناطر فخرا في بنائها واتقانها وعدد قسيها سبع عشرة قوسا بين القوس والقوس خمسون شبرا وسعة القوس مثل ذلك خمسون شبرا وسعة ظهرها المعبور عليه ثلاثون شبرا ولها ستائر من كل جهة تستر القامة وارتفاع القنطرة من موضع المشي إلى وجه الماء في أيام جفوف الماء وقلته ثلاثون ذراعا وإذا كان السيل بلغ الماء منها إلى نحو حلوقها وتحت القنطرة يعترض الوادي رصيف سد مصنوع من الأحجار القبطية والعمد الخاشنة من الرخام وعلى هذا السد ثلاث بيوت أرحاء في كل بيت منها أربع مطاحن ومحاسن هذه المدينة وشماختها أكثر من أن يحاط بها خبرا.
ومن مدينة قرطبة إلى مدينة الزهراء خمسة أميال وهي قائمة الذات بأسوارها ورسوم قصورها وفيها قوم سكان بأهليهم وذراريهم وهم قليلون وهي في