من قرطبة إلى دار البقر التي تقدم ذكرها مرحلة ومنها إلى حصن بيندر مرحلة ثم إلى زواغة مرحلة وزواغة حصن عليه سور تراب وهو على كدية تراب ومنه إلى نهر اثنة مرحلة ومنه إلى حصن الحنش مرحلة وحصن الحنش منيع شامخ الذروة مطل العلوة شاهق البنية حامي الأفنية ومنه إلى مدينة ماردة مرحلة لطيفة ثم إلى بطليوس مرحلة خفيفة فذلك من قرطبة إلى بطليوس سبع مراحل.
وبشمال مدينة قرطبة إلى حصن ابال مرحلة وهو الحصن الذي به معدن الزيبق ومنه يتجهز بالزيبق والزنجفر إلى جميع أقطار الأرض وذلك أن هذا المعدن يخدمه أزيد من ألف رجل فقوم للنزول فيه وقطع الحجر وقوم لنقل الحطب لحرق المعدن وقوم لعمل أواني سبك الزيبق وتصعيده وقوم لشان الأفران والحرق قال المؤلف وقد رأيت هذا المعدن فأخبرت أن من وجه الأرض إلى أسفله أكثر من مائتي قامة وخمسين ومن قرطبة إلى اغرناطة أربع مراحل وهي مائة ميل وبين اغرناطة وجيان خمسون ميلا وهي مرحلتان.
وأما بحر الشام الذي عليه جنوب بلاد الأندلس فمبدؤه من المغرب وآخره حيث انطاكية ومسافة ما بينهما إجراء في البحر ستة وثلاثون مجرى فأما عروضه فمختلفة وذلك أن مدينة مالقة يقابلها من الضفة الأخرى المزمة وبادس وبينهما عرض البحر مجرى يوم بالريح الطيبة المعتدلة وكذلك المرية