العجائب للمسعودي، وكتاب أبي نصر، سعيد الجيهاني، وكتاب أبي القاسم عبيد الله بن خرداذبة، وكتاب أحمد بن عمر العذري، وكتاب أبي القاسم محمد الحوقلي البغدادي، وكتاب خاناخ بن خاقان الكيماكي، وكتاب موسى بن قاسم القردي، وكتاب أحمد بن يعقوب المعروف باليعقوبي، وكتاب إسحاق بن الحسن المنجم، وكتاب قدامة البصري، وكتاب بطلميوس الأقلودي، وكتاب أرسيوس الأنطاكي.
فلم يجد ذلك فيها مشروحا مستوعبا مفصلا، بل وجده فيها مغفلا، فأحضر لديه العارفين بهذا الشأن، فباحثهم عليه، وأخذ معهم فيه، فلم يجد عندهم علما أكثر مما في الكتب المذكورة، فلما رآهم على مثل هذه الحال بعث إلى سائر بلاده، فأحضر العارفين بها المتجولين فيها، فسألهم عنها بواسطة جمعا وأفرادا، فما اتفق فيه قولهم، وصح في جمعه نقلهم، أثبته وأبقاه، وما اختلفوا فيه أرجأه وألغاه، وأقام على ذلك نحوا من خمس عشرة سنة لا يخلي نفسه في كل وقت من النظر في هذا الفن، والكشف عنه، والبحث عن حقيقته إلى أن تم له فيه ما يريده» .
ومن هذا النص على طوله نستنتج الآتي:
أولا- أن «النزهة» قد كتبت في ظروف غير اعتيادية، إذ هي تؤلف في جوّ علمي خالص، يعتمد على المكتوب والمسموع والمشاهد، وتلك بيئة علمية أتيحت لها في بلاط ملك عاشق لموضوعها، باحث عن معطياتها.
ثانيا- أن المصادر المصرح في المقدمة بالأخذ عنها قد كتبت في معظمها في القرن الرابع الهجري، بينما كان تحرير «النزهة» في القرن السادس الهجري، فهل كان هناك قصور لدى مؤلفها في الإحاطة بمصادر ما هو بصدد الكتابة فيه؟
هذا ما مال إليه البعض ممن تعرض للإدريسي بالتعريف، ولمؤلفه بالدراسة والبحث، وهو مما لا يتطابق مع الواقع الملموس، المتبدى في سائر مادة الكتاب، إذ جرت عادة المؤلفين المسلمين- فيما قبل وبعد الإدريسي- على الاقتصار في مقدمات مؤلفاتهم على التصريح ببعض المصادر دون بعض، مع الاختلاف النسبي في درجة الأهمية المكتسبة للمؤلف المصرح بالأخذ عنه، سواء بالنقل المتتابع عنه، أو بأهميته في ذاته.. كما أن مصادر «النزهة» غير