ومنها إلى اللاذقية عشرة أميال واللاذقية مدينة عامرة آهلة كثيرة الخصب والخيرات وهي على نحر البحر ولها ميناء حسنة ترسى بها المراكب والقوارب القاصدة إليها ومن اللاذقية إلى حصن الهربادة ثمانية عشر ميلا والهربادة حصن عامر كبير كثير الأهل كثير الخصب فيه صنائع وعمارات ومن حصن الهربادة إلى حصن السويدية خمسة عشر ميلا والسويدية على البحر وهي فرضة أنطاكية وبين أنطاكية والبحر اثنا عشر ميلا وبالسويدية يقع نهر أنطاكية المسمى بالعاصي.
وأما أنطاكية فبلدة حسنة الموضع كريمة البقعة ليس بعد دمشق أنزه منها داخلا وخارجا كثيرة المياه منخرقة في أسواقها وطرقها وقصورها وسككها ولها سور دائر بها وبساتينها اثنا عشر ميلا وعليها سور عجيب حصين منيع من حجر يحيط بها وبجبل مشرف عليها وفي داخل السور أرحاء وبساتين وجنات البقول وسائر المرافق وبها أسواق عامرة ومبان زاهرة وصناعات نافقة ومعاملات مرفقة وخير كثير وبركات ظاهرة ويعمل بها من الثياب المصمتة الجياد والعتابي والتستري والأصبهاني وما شاكلها.
وهي على نهرها المقلوب المسمى بالأرنط ومخرجه من أرض دمشق مما يلي الطريق طريق البريد فيمر بحمص ثم يتصل بمدينتي حماة وشيزر ويأتي أنطاكية من جنوبها ثم ينعطف مع الجنوب فيمر وهو يجري مع الجنوب فيصب بجنوب السويدية في البحر الرومي.