شيئًا، وإنه لأحب إلى قريش من عمر بن الخطاب، لأن عمر كان شديدًا عليها، فلما وليهم عثمان لان لهم ووصلهم، ثم توانى في أمرهم واستعمل أقرباءه وأهل بيته في الست الأواخر وكتب لمروان بخمس إفريقيه، وأعطى أقرباءه وأهل بيته المال، وتأول في ذلك الصلة التي أمر الله بها، وقال: إن أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما، وإني أخذته فقسمته في أقربائي، فأنكر الناس عليه ذلك. أخرجه ابن سعد.
وأخرج ابن عساكر من وجه آخر عن الزهري قال: قلت لسعيد بن المسيب: هل أنت مخبري كيف كان مقتل عثمان؟ وما كان شأن الناس وشأنه؟ ولم خذله أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال ابن المسيب: قتل عثمان مظلومًا، ومن قتله كان ظالِمًا، ومن خذله كان معذورًا، فقلت: كيف كان ذلك؟ قال: إن عثمان لما ولي كره ولايته نفر من الصحابة؛ لأن عثمان كان يحب قومه، فولي الناس اثنتي عشرة سنة، وكان كثيرًا ما يولي بني أمية ممن لم يكن له مع رسول الله صحبة، فكان يجيء من أمرائه ما ينكره أصحاب محمد، وكان عثمان يستعتب فيهم فلا يعزلهم، وذلك في سنة خمس وثلاثين، فلما كان في الست الأواخر استأثر بني عمه فولاهم وما أشرك معهم، وأمرهم بتقوى الله، فولى عبد الله بن أبي سرح مصر فمكث عليها سنين، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه، وقد كان قبل ذلك من عثمان هنات إلى عبد الله بن مسعود، وأبي ذر، وعمار بن ياسر، فكانت بنو هذيل وبنو زهرة في قلوبهم ما فيها لحال ابن مسعود، وكانت بنو غفار وأحلافها ومن غضب لأبي ذر في قلوبهم ما فيها، وكانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان لحال عمار بن ياسر، وجاء أهل مصر يشكون من ابن أبي سرح، فكتب إليه كتابًا يتهدد فيه، فأبى ابن أبي سرح أن يقبل ما نهاه عنه عثمان، وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان من أهل مصر ممن كان أتى عثمان فقتله، فخرج من أهل مصر سبعمائة رجل، فنزلوا المسجد وشكوا إلى الصحابة في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي سرح بهم، فقام طلحة بن عبيد الله فكلم عثمان بكلام شديد، وأرسلت عائشة -رضي الله عنها- إليه فقالت: تقدم إليك أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت؟! فهذا قد قتل منهم رجلًا فأنصفهم من عاملك، ودخل عليه علي بن أبي طالب فقال: إنما يسألونك رجلًا مكان رجل، وقد ادعوا قبله دمًا، فاعزله عنهم واقض بينهم فإن وجب عليه حق فأنصفهم منه، فقال لهم: اختاروا رجلًا أوليه عليكم مكانه، فأشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر، فقالوا: استعمل علينا محمد بن أبي بكر، فكتب عهده وولاه وخرج معهم عدد من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بين أهل مصر وابن أبي سرح، فخرج محمد ومن معه، فلما كان على مسيرة ثلاثة أيام من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير يخبط خبطًا كأنه رجل يطلب أو يطلب، فقال له أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: ما قصتك وما شأنك كأنك هارب أو طالب فقال لهم: أنا غلام أمير المؤمنين، وجهني إلى عام مصر، فقال له رجل: هذا عامل مصر، قال: ليس هذا ما أريد، وأخبر بأمره محمد بن أبي بكر، فبعث في طلبه رجلًا، فأخذه فجاء به إليه، فقال: غلام من أنت؟ فأقبل مرة يقول: