للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعلي: "إنك تقاتل على القرآن كما قاتلت على تنزيله".

وأخرج البزار وأبو يعلى والحاكم عن علي، قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي إن فيك مثلًا من عيسى، أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به". ألا وإنه يهلك في اثنين: محب مفرط يفرطني بما ليس فيّ، مبغض مفترٍ يحمله شنآني على أن يبهتني.

وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "علي مع القرآن والقرآن مع علي، ولا يفترقان حتى يردا على الحوض" ١.

وأخرج أحمد والحاكم بسند صحيح عن عمار بن ياسر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعلي: "أشقى الناس رجلان: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه -يعني: قرنه- حتى تبتل منه هذه من الدم، يعني: لحيته". وقد ورد ذلك من حديث علي، وصهيب، وجابر بن سمرة، وغيرهم.

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال: اشتكى الناس عليًّا فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فينا خطيبًا فقال: "لا تشكوا عليًّا، فوالله إنه لأخيشن في ذات الله، أو سبيل الله" ٢.

فصل: في مبايعة علي رضي الله عنه بالخلافة وما نشأ عن ذلك

قال ابن سعد: بويع علي بالخلافة الغد من قتل عثمان بالمدينة فبايعه جميع من كان بها من الصحابة -رضي الله عنهم- وقال: إن طلحة والزبير بايعا كارهين غير طائعين، ثم خرجا إلى مكة وعائشة -رضي الله عنها- بها، فأخذاها وخرجا بها إلى البصرة يطلبون بدم عثمان، وبلغ ذلك عليًّا فخرج إلى العراق، فلقي بالبصرة طلحة والزبير وعائشة ومن معهم، وهي وقعة الجمل، وكانت في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وقتل بها طلحة والزبير وغيرهما وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألفًا، وأقام علي بالبصرة خمس عشرة ليلة، ثم انصرف إلى الكوفة، ثم خرج عليه معاوية بن أبي سفيان ومن معه بالشام، فبلغ عليًّا فسار إليه، فالتقوا بصفين في صفر سنة سبع وثلاثين، ودام القتال بها أيامًا، فرفع أهل الشام المصاحف يدعون إلى ما فيها، مكيدة من عمرو بن العاص، فكره الناس الحرب، وتداعوا إلى الصلح، وحكموا الحكمين، فحكم عليٌ أبا موسى الأشعري، وحكم معاوية عمرو بن العاص، وكتبوا بينهم كتابًا على أن يوافوا رأس الحول بأذرح، فينظروا في أمر الأمة فافترق الناس، ورجع معاوية إلى الشام، وعلي إلى الكوفة، فخرجت عليه الخوراج من أصحابه ومن كان معه وقالوا: لا حكم إلا لله، وعسكروا بحروراء، فبعث إليهم ابن عباس، فخاصمهم


١ أخرجه الطبراني في الأوسط "ح٤٨٧٨".
٢ أخرجه الحاكم في المستدرك "١٣٤/٣"، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>