للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أصول العربية، فقلت: إن فعلت هذا أحييتنا، وبقيت فينا هذه اللغة، ثم أتيته بعد ثلاثة، فألقى إلي صحيفة فيها: بسم الله الرحمن الرحيم: الكلمة: اسم، وفعل، وحرف، فالاسم: ما أنبأ عن المسمى، والفعل: ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف: ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل، ثم قال: تتبعه وزد فيه ما وقع لك، واعلم يا أبا الأسود أن الأشياء ثلاثة: ظاهر، ومضمر، وشيء ليس بظاهر ولا مضمر، وإنما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر، ولا مضمر، قال أبو الأسود: فجمعت منه أشياء، وعرضتها عليه فكان من ذلك حروف النصب فذكرت منها: إن، أن، وليت، ولعل، وكأن، لم أذكر لكن فقال لي: لم تركتها؟ فقلت: لم أحسبها منها فقال: بل هي منها فزدها فيها.

وأخرج ابن عساكر عن ربيعة بن ناجد قال: قال علي: كونوا في الناس كالنحلة في الطير، إنه ليس في الطير شيء إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها، خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم، فإن للمرء ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب.

وأخرج عن علي قال: كونوا بقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، فإنه لن يقل عمل مع التقوى، وكيف يقل عمل يتقبل؟

وأخرج عن يحيى بن جعدة قال: قال علي بن أبي طالب: يا حملة القرآن اعملوا به، فإنما العالم من علم ثم عمل بما علم، ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم، ويخالف عملهم علمهم، يجلسون حلقًا فيباهي بعضهم بعضًا، حتى إن الرجل يغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله.

وأخرج عن علي قال: التوفيق خير قائد، وحسن الخلق خير قرين، والعقل خير صاحب، والأدب خير ميراث، ولا وحشة أشد من العجب.

وأخرج عن الحارث قال: جاء رجل إلى علي فقال: أخبرني عن القدر؟ فقال: طريق مظلم لا تسلكه، قال: أخبرني عن القدر؟ قال: بحر عميق لا تلجه، قال: أخبرني عن القدر؟ قال: سر الله قد خفي عليك فلا تفتشه، قال: أخبرني عن القدر؟ قال: يا أيها السائل إن الله خلقك لما شاء أو لما شئت؟ قال: بل لما شاء، قال: فيستعملك لما شاء.

وأخرج عن علي قال: إن للنكبات نهايات ولابد أحد إذا نكب من أن ينتهي إليها، فينبغي للعاقل إذا أصابته نكبة أن ينام لها حتى تنقضي مدتها، فإن في دفعها قبل انقضاء مدتها زيادة في مكروهها.

وأخرج عن علي أنه قيل له: ما السخاء؟ قال: ما كان منه ابتداء، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتكرم.

وأخرج عن علي: أنه أتاه رجل فأثنى عليه فأطراه، وكان قد بلغه عنه قبل ذلك، فقال له علي: إني لست كما تقول، وأنا فوق ما في نفسك.

<<  <   >  >>