للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع الأقطار من الأرض شرقًا وغربًا يمينًا وشمالًا مما غلب عليه المسملون، ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها إلا بأمر الخليفة.

ومن انفراط الأمر أنه كان في المائة الخامسة بالأندلس وحدها ستة أنفس كلهم يتسمّى بالخلافة، ومعهم صاحب مصر العبيدي والعباسي ببغداد خارجًا عمن كان يدعي الخلافة في أقطار الأرض من العلوية والخوارج١.

قال: فعلى هذا التأويل يكون المراد بقوله: "ثم يكون الهرج" يعني القتل الفاشي عن الفتن وقوعًا فاشيًا، ويستمر ويزداد، وكذا كان.

وقيل: إن المراد وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة يعملون بالحق وإن لم تتوال أيامهم، ويؤيد هذا ما أخرجه مسدد في مسنده الكبير عن أبي الخلد أنه قال: "لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق، منهم رجلان من أهل بيت محمد صلى الله عليه وسلم" وعلى هذا فالمراد بقوله: "ثم يكون الهرج" أي: الفتن المؤذنة بقيام الساعة: من خروج الدّجال، وما بعده، انتهى.

قلت: وعلى هذا فقد وجد من الاثني عشر خليفة الخلفاء الأربعة، والحسن، ومعاوية، وابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، هؤلاء ثمانية، ويحتمل أن يضم إليهم المهتدى من العباسيين؛ لأنه فيهم كعمر بن عبد العزيز في بني أمية، وكذلك الظاهر لما أوتيه من العدل، وبقي الاثنان المنتظران أحدهما المهدي؛ لأنه من آل بيت محمد صلى الله عليه وسلم.


١ الخوارج: هم الذين أنكروا على علي -رضي الله عنه- التحكيم وتبرءوا منه ومن عثمان -رضي الله عنه- ومن ذريته وقاتلوه، فإن أطلقوا تكفيره فهم الغلاة منهم. "هدى الساري: ٤٥٩".

<<  <   >  >>