فحشت زبيدة فاه جوهرًا باعه بعشرين ألف دينار
فصل: في نبذ من أخبار الرشيد، عفا الله عنه
أخرج السلفي في الطيوريات بسنده عن ابن المبارك قال: لما أفضت الخلافة إلى الرشيد وقعت في نفسه جارية من جواري المهدي، فراودها عن نفسها، فقالت: لا أصلح لك، إن أباك قد طاف بي، فشغف بها، فأرسل إلى أبي يوسف، فسأله: أعندك في هذا شيء؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أو كلما ادعت أمة شيئًا ينبغي أن تصدق، لا تصدقها فإنها ليست بمأمونة، قال ابن المبارك: فلم أدر ممن أعجب: من هذا الذي قد وضع يده في دماء المسلمين وأموالهم يتحرج عن حرمة أبيه، أو من هذه الأمة التي رغبت بنفسها عن أمير المؤمنين، أو من هذا فقيه الأرض وقاضيها، قال: اهتك حرمة أبيك، واقض شهوتك، وصيره في رقبتي.
وأخرج أيضًا عن عبد الله بن يوسف قال: قال الرشيد لأبي يوسف: إني اشتريت جارية وأريد أن أطأها الآن قبل الاستبراء، فهل عندك حيلة؟ قال: نعم، تهبها لبعض ولدك، ثم تتزوجها.
وأخرج عن إسحاق بن راهويه قال: دعا الرشيد أبا يوسف ليلًا فأفتاه، فأمر له بمائة ألف درهم، فقال أبو يوسف، إن رأى أمير المؤمنين أمر بتعجيلها قبل الصبح، فقال: عجلوها، فقال بعض من عنده: إن الخازن في بيته والأبواب مغلقة، فقال أبو يوسف: قد كانت الأبواب مغلقة حين دعاني، ففتحت.
وأسند الصولي عن يعقوب بن جعفر قال: خرج الرشيد في السنة التي ولي الخلافة فيها حتى غزا أطراف الروم، وانصرف في شعبان؛ فحج بالناس آخر السنة، وفرق بالحرمين مالًا كثيرًا، وكان رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم، فقال له: إن هذا الأمر صائر إليك في هذا الشهر؛ فاغزُ وحجّ ووسع على أهل الحرمين، ففعل هذا كله.
وأسند عن معاوية بن صالح عن أبيه قال: أول شعر قاله الرشيد أنه حج سنة ولي الخلافة، فدخل دارًا، فإذا في صدر بيت منها بيت شعر قد كتب على الحائط:
ألا يا أمير المؤمنين أما ترى ... فديتك هجران الحبيب كبيرًا
فدعا بدواة، وكتب تحته بخطه:
بلى والهدايا المشعرات وما مشى ... بمكة مرفوع الأظل حسيرًا
وأخرج عن سعيد بن مسلم قال: كان فهمُ الرشيد فهمَ العلماء، وأنشده العماني في صفة فرس:
كأنّ أذنيه إذا تشوفا ... قادمة أو قلما محرفا
فقال الرشيد: دع كأن وقل: تخال أذنيه، حتى يستوي الشعر.
وأخرج عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع قال: حلف الرشيد أن يدخل إلى