مات الواثق بـ: سر من رأى، يوم الأربعاء لستٍ بقين من ذي الحجة سنة مائتين واثنتين وثلاثين ولما احتضر جعل يردد هذين البيتين:
الموت فيه جميع الخلق مشترك ... لا سوقة منهم يبقى ولا ملك
ما ضر أهل قليل من تفارقهم ... وليس يغني عن الأملاك ما ملكوا
وحكي أنه لما مات ترك وحده واشتغل الناس بالبيعة للمتوكل، فجاء جرذون فاستل عينه فأكلها.
مات في أيامه من الأعلام: مسدد، وخلف بن هشام البزار المقرئ، وإسماعيل بن سعيد الشالخي شيخ أهل طبرستان، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو تمام الطائي الشاعر، ومحمد بن زياد بن الأعرابي اللغوي، والبويطي صاحب الشافعي مسجونًا مقيدًا في المحنة وعلي بن المغيرة الأثرم اللغوي، وآخرون.
ومن أخبار الواثق: أسند الصولي عن جعفر بن الرشيد قال: كانّا بين يدي الواثق وقد اصطبح، فناوله خادمه مهج وردًا ونرجسًا، فأنشد في ذلك بعد يوم لنفسه:
حياك بالنرجس والورد ... معتدل القامة والقد
فألهبت عيناه نار الهوى ... وزاد في اللوعة والوجد
أملت بالملك له قربة ... فصار ملكي سبب البعد
ورنحته سكرات الهوى ... فمال بالوصل إلى الصد
إن سئل البذل ثنى عطفه ... وأسبل الدمع على الخد
غر بما تجنيه ألحاظه ... لا يعرف الإنجاز للوعد
مولى تشكي الظلم من عبده ... فأنصفوا المولى من العبد
قال: فأجمعوا أنه ليس لأحد من الخلفاء مثل هذه الأبيات.
وقال الصولي: حدثني عبد الله بن المعتز قال: أنشدني بعض أهلنا للواثق وكان يهوى خادمين لهذا يوم يخدمه فيه، ولهذا يوم يخدمه فيه:
قلبي قسيم بين نفسين ... فمن رأى روحًا بجسمين
يغضب ذا إن جاد ذا بالرضا ... فالقلب مشغول بشجوين
وأخرج عن الحزنبل قال: غنى في مجلس الواثق بشعر الأخطل:
وشاد مربح بالكاس نادمني ... لا بالحصور ولا فيها بسوار