بالبصرة ثلاثمائة ألف، وكان له منبر في مدينته يصعد عليه ويسب عثمان، وعليًّا، ومعاوية، وطلحة، والزبير، وعائشة، رضي الله عنهم.
وكان ينادي على المرأة العلوية في عسكره بدرهمين وثلاثة وكان عند الواحد من الزنج العشر من العلويات يطؤهن ويستخدمهن.
ولما قتل هذا الخبيث دخل برأسه بغداد على رمح، وعملت قباب الزينة، وضج الناس بالدعاء للموفق، ومدحه الشعراء، وكان يومًا مشهودًا، وأمن الناس وتراجعوا إلى المدن التي أخذها، وهي كثيرة كواسط ورامهرمز.
وفي سنة ستين من أيامه وقع غلاء مفرط بالحجاز والعراق، وبلغ كر الحنطة في بغداد مائة وخمسين دينارًا، وفيها أخذت الروم بلد لؤلؤة.
وفي سنة إحدى وستين بايع المعتمد بولاية العهد بعده لابنه المفوض إلى الله جعفر، ثم من بعده لأخيه الموفق طلحة، وولى ولده المغرب، والشام، والجزيرة، وأرمينية، وولى أخاه المشرق والعراق، وبغداد، والحجاز، واليمن، وفارس، وأصبهان، والري، وخراسان، وطبرستان، وسجستان، والسند، وعقد لكل منهما لواءين: أبيض، وأسود، وشرط إن حدث به حدث أن الأمر لأخيه إن لم يكن ابنه جعفر قد بلغ، وكتب العهد وأنفذه مع قاضي القضاة ابن أبي الشوارب ليعلقه في الكعبة.
وفي سنة ست وستين وصلت عساكر الروم إلى ديار بكر، ففتكوا، وهرب أهل الجزيرة، والموصل، وفيها وثبت الأعراب على كسوة الكعبة فانتهبوها.
وفي سنة سبع وستين استولى أحمد بن عبد الله الحجابي على خراسان، وكرمان، وسجستان، وعزم على قصد العراق، وضرب السكة باسمه، وعلى الوجه الآخر اسم المعتمد، وهذا محل الغرابة، ثم إنه في آخر السنة قتله غلمانه، فكفى الله شره.
وفي سنة تسع وستين اشتد تخيل المعتمد من أخيه الموفق، فإنه كان خرج عليه في سنة أربع وستين ثم اصطلحا، فلما اشتد تخيله منه هذا العام كاتب المعتمد ابن طولون نائبه بمصر، واتفقا على أمر، فخرج ابن طولون حتى قدم دمشق، وخرج المعتمد من سامرا على وجه التنزه، وقصده دمشق، فلما بلغ ذلك الموفق كتب إلى إسحاق بن كنداج ليرده فركب ابن كنداج من نصيبين إلى المعتمد، فلقيه بين الموصل والحديثة، فقال: يا أمير المؤمنين! أخوك في وجه العدو وأنت تخرج عن مستقرك ودار ملكك، ومتى صح هذا عنده رجع عن مقاومة الخارجي، فيغلب عدوك على ديار آبائك، في كلمات أخر، ثم وكل بالمعتمد جماعة، وسم على طائفة من خواصه، ثم بعث إلى المعتمد يقول: ما هذا بمقام فارجع، فقال: المعتمد: فاحلف لي أنك تنحدر معي ولا تسلمني، فحلف له، وانحدر إلى سامرا فتلقاه صاعد بن مخلد كاتب الموفق، فسلمه إسحاق إليه، فأنزله في دار أحمد بن الخصيب، ومنعه من نزول دار الخلافة، ووكل به خمسمائة رجل يمنعون من الدخول إليه، ولما بلغ الموفق ذلك بعث إلى إسحاق بخلع وأموال، وأقطعه ضياع القواد الذين كانوا مع المعتمد،