للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان فصيحًا، أديبًا، شاعرًا، شجاعًا، جوادًا، سمحًا، حسن السيرة، يؤثر العدل، ويكره الشر.

ولما عاد السلطان مسعود إلى بغداد خرج هو إلى الموصل، فأحضروا القضاة والأعيان والعلماء وكتبوا محضرًا فيه شهادة طائفة بما جرى من الراشد من الظلم وأخذ الأموال وسفك الدماء وشرب الخمر، واستفتوا الفقهاء فيمن فعل ذلك: هل تصح إمامته؟ وهل إذا ثبت فسقه يجوز لسلطان الوقت أن يخلعه ويستبدل خيرًا منه؟ فأفتوا بجواز خلعه، وحكم بخلعه أبو طاهر بن الكرخي قاضي البلد، وبايعوا عمه محمد بن المستظهر ولقب المقتفي لأمر الله، وذلك في سادس عشر من ذي القعدة سنة ثلاثين.

وبلغ الراشد الخلع فخرج من الموصل إلى بلاد أذربيجان وكان معه جماعة فقسطوا على مراغة مالًا وعاثوا هناك ومضوا إلى همذان وأفسدوا بها، وقتلوا جماعة وصلبوا آخرين، وحلقوا لحى جماعة من العلماء، ثم مضوا إلى أصبهان فحاصروها ونهبوا القرى، ومرض الراشد بظاهر أصبهان مرضًا شديدًا، فدخل عليه جماعة من العجم كانوا فراشين معه، فقتلوه بالسكاكين ثم قتلوا كلهم، وذلك في سادس عشر رمضان سنة اثنتين وثلاثين، وجاء الخبر إلى بغداد فقعدوا للعزاء يومًا واحدًا.

قال العماد الكاتب: كان للراشد الحسن اليوسفي، والكرم الحاتمي.

قال ابن الجوزي: وقد ذكر الصولي أن الناس يقولون: إن كل سادس يقوم للناس يخلع، فتأملت هذا فرأيت عجبًا.

قلت: وقد سقت بقية كلامه في الخطبة، ولم تؤخذ البردة والقضيب من الراشد حتى قتل، فأحضر بعد قتله إلى المقتفي.

<<  <   >  >>