للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في ذلك أبو عبد الله بن جابر الأعمى النحوي صاحب شرح الألفية المشهور بالأعمى والبصير:

جعلوا لأبناء الرسول علامة ... إن العلامة شأن من لم يشهر

نور النبوة في كريم وجوههم ... يغني الشريف عن الطراز الأخضر

وفي هذه السنة كان ابتداء خروج الطاغية تمرلنك الذي أخرب البلاد، وأباد العباد، واستمر يعثوا في الأرض بالفساد، إلى أن أهلك إلى لعنة الله في سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، وفيه قيل شعر:

لقد فعلوا فعل التتار ولو رأوا ... فعال تمرلنك إذ كان أعظما

وطائره في جلق كانا أشأما

وكان أصله من بلاد الفلاحين، ونشأ يسرق ويقطع الطريق، ثم انضم إلى خدمة صاحب خيل السلطان، ثم قرر مكانه بعد موته، وما زال يترقى إلى أن وصل إلى ما وصل، قيل لبعضهم: في أي سنة كان ابتداء خروج تمرلنك؟ قال: في سنة عذاب -يعني: بحساب الجمل ثلاثًا وسبعين وسبعمائة.

وفي سنة خمس وسبعين ابتدئت قراءة البخاري في رمضان بالقلعة بحضرة السلطان، ورتب الحافظ زين الدين العراقي قارئًا، ثم أشرك معه الشهاب العرياني يومًا بيوم، وفي سنة سبع وسبعين غلا البيض بدمشق، فبيعت الواحدة بثلاثة دراهم من حساب ستين دينار.

وفي سنة ثمانٍ وسبعين قتل الأشرف شعبان، وتسلطن ابنه علي، ولقب بالمنصور، وذلك أن الأشرف سافر إلى الحج ومعه الخليفة والقضاة والأمراء، فخامر عليه الأمراء، وفر راجعًا إلى القاهرة، ورجع الخليفة ومن رجع، وأرادوا أن يسلطنوا الخليفة، فامتنع فسلطنوا ابن الأشرف، واختفى الأشرف إلى أن ظفروا به فخنقوه في ذي القعدة. وفيها خسف الشمس والقمر جميعًا، وطلع القمر خاسفًا في شعبان ليلة أربع عشرة، وكسفت الشمس يوم الثامن والعشرين منه.

وفي سنة تسع وسبعين في رابع ربيع الأول طلب أيبك البدري أتابك العساكر زكرياء بن إبراهيم بن المستمسك الخليفة الحاكم، فخلع عليه، واستقر خليفة بغير مبايعة ولا إجماع، ولقب المستعصم بالله، ورسم بخروج المتوكل إلى قوص، لأمور حقدها عليه وقعت منه عند قتل الأشرف، فخرج وعاد من الغد إلى بيته، ثم عاد إلى الخلافة في العشرين من الشهر، وعزل المستعصم، فكانت مدة خلافته خمسة عشر يومًا.

والمتوكل هو سادس الخلفاء الذين سكنوا مصر وأقيموا بعد انقطاع الخلافة مدة، فحصل له هذا الخلع توفية بالقاعدة.

وفي سنة اثنتين وثمانين ورد كتاب من حلب يتضمن أن إمامًا قام يصلي وأن شخصًا عبث به في صلاته، فلم يقطع الإمام الصلاة حتى فرغ، وحين سلم انقلب وجه العابث وجه خنزير، وهرب إلى غابة هناك، فعجب الناس من هذا الأمر، وكتب بذلك محضر.

<<  <   >  >>