كبيرة، وكل منهما يود زوال الآخر، فكان قتل الدوادار بشاطئ الفرات وموت الأمشاطي بمصر في يوم واحد.
وفي سنة ست وثمانين زلزلت الأرض يوم الأحد بعد العصر سابع عشر المحرم زلزلة صعبة ماجت منها الأرض والجبال والأبنية موجًا، ودامت لحظة لطيفة، ثم سكنت، فالحمد لله على سكونها، وسقط بسببها شرفة من المدرسة الصالحية على قاضي القضاة الحنفي شرف الدين بن عيد، فمات، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفي هذه السنة في ربيع الأول قدم إلى مصر من الهند رجل يسمّى خاكي، زعم أن عمره مائتان وخمسون سنة، فاجتمعت به، فإذا هو رجل قوي، لحيته كلها سوداء، لا يجوز العقل أن عمره سبعون سنة، فضلًا عن أكثر من ذلك، ولم يأتِ بحجة على ما يدعيه، والذي أقطع به أنه كذاب، ومما سمعته منه أنه قال: إنه حج وعمر ثماني عشرة سنة ثم رجع إلى الهند، فسمع بذهاب التتار إلى بغداد ليأخذوها، وإنه قدم إلى مصر زمن السلطان حسن قبل أن يبني مدرسته، ولم يذكر شيئًا يستوضح به على قوله.
وفيها ورد الخبر بموت السلطان محمد بن عثمان ملك الروم، وأن ولديه اقتتلا على الملك، فغلب أحدهما، واستقر في المملكة، وقدم الآخر إلى مصر، فأكرمه السلطان غاية الإكرام، وأنزله، ثم توجه من الشام إلى الحجاز برسم الحج.
وفي شوال قدمت كتب من المدينة الشريفة تتضمن أن في ليلة ثالث عشر رمضان نزلة صاعقة من السماء على المئذنة فأحرقتها وأحرقت سقوف المسجد الشريف وما فيه من خزائن وكتب، ولم يبقَ سوى الجدران، وكان أمرًا مهولًا.
مات يوم الأربعاء سلخ المحرم سنة ثلاث وتسعمائة، وعهد بالخلافة لابنه يعقوب، ولقبه المستمسك بالله.
وهذا آخر ما تيسر جمعه في هذا التاريخ، وقد اعتمدت في الحوادث على تاريخ الذهبي، وانتهى إلى سنة سبعمائة، ثم على تاريخ ابن كثير، وانتهى إلى سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، ثم على المسالك وذيله إلى سنة ثلاث وسبعين، ثم على أنباء الغمر لابن حجر إلى سنة خمسين وثمانمائة.
وأما غير الحوادث فطالعت عليه تاريخ بغداد للخطيب عشر مجلدات، وتاريخ دمشق لابن عساكر سبعة وخسمين مجلدًا، والأوراق للصولي سبع مجلدات، والطيوريات ثلاث مجلدات والحلية لأبي نعيم تسع مجلدات، والمجالسة للدينوري، والكامل للمبرد مجلدين، وأمالي ثعلب مجلد، وغير ذلك.