فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه ثم قال:"يا حسان هو كما قلت".
فصل
روى أحمد والترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح"، وأخرج أبو يعلى من حديث بن عمر، وزاد فيه، "وأقضاهم عليّ" وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس من حديث شداد بن أوس وزاد "وأبو ذر أزهد أمتي وأصدقها، وأبو الدرداء أعبد أمتي وأتقاها، ومعاوية بن أبي سفيان أحلم أمتي وأجودها" ١.
وقد سئل شيخنا العلامة الكافينجي عن هذه التفصيلات: هل تنافي التفصيل السابق؟ فأجاب بأنه لا منافاة.
فصل: فيما أنزل من الآيات في مدحه، أو تصديقه أو أمر من شأنه
اعلم أني رأيت لبعضهم كتابًا في أسماء من نزل فيهم القرآن غير محرر ولا مستوعب، وقد ألفت في ذلك كتابًا حافلاً مستوعبًا محررًا، وأنا ألخص هنا ما يتعلق بالصديق رضي الله عنه: قال الله تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ}[التوبة: ٤٠] أجمع المسلمون على أن الصاحب المذكور أبو بكر وسيأتي فيه أثر عنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى:{فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} قال: على أبي بكر؛ إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم تزل السكينة عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود أن أبا بكر اشترى بلالاً من أمية بن خلف، وأبي ابن خلف، ببردة وعشر أواقٍ، فأعتقه لله، فأنزل الله:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} إلى قوله: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[الليل: ١-٤] سعي أبي بكر، وأمية، وأُبَيّ.
وأخرج ابن جرير عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال أبوه: أي بني، أراك تعتق أناسًا ضعافًا، فلو أنك تعتق رجالاً جلدًا يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك؟ قال: أي أبت، أنا أريد ما عند الله، قال: فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية نزلت فيه: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}[الليل: ٥] إلى آخرها.
١ أخرجه الترمذي "٣٧٩١/٥"، وأحمد في المسند "١٨٤/٣" عن أنس بن مالك. وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.