للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الأشعري: قد علم بالضرورة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر الصديق أن يصلي بالناس مع حضور المهاجرين والأنصار مع قوله: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" ١. فدل على أنه أقرؤهم: أي أعلمهم بالقرآن. انتهى.

وقد استدل الصحابة أنفسهم بهذا على أنه أحق بالخلافة، منهم عمر -وسيأتي قوله في فصل المبايعة- ومنهم علي.

وأخرج ابن عساكر عنه قال: لقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر أن يصلي بالناس وإني شاهد، وما أنا بغائب، وما بي مرض فرضينا لدنيانا ما رضي به النبي -صلى الله عليه وسلم- لديننا.

قال العلماء: وقد كان معروفًا بأهلية الإمامة في زمان النبي صلى الله عليه وسلم.

وأخرج أحمد وأبوداود وغيرهما عن سهل بن سعد قال: كان قتال بين بني عمرو بن عوف، فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتاهم بعد الظهر ليصلح بينهم، وقال: "يا بلال! إن حضرت الصلاة ولم آت فمر أبا بكر فليصل بالناس" فلما حضرت صلاة العصر أقام بلال الصلاة، ثم أمر أبا بكر فصلى٢.

وأخرج أبو بكر الشافعي في الغيلانيات، وابن عساكر عن حفصة -رضي الله عنها- أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إذا أنت مرضت قدمت أبا بكر، قال: "لست أنا أقدمه، ولكن الله يقدمه".

وأخرج الدارقطني في الأفراد، والخطيب، وابن عساكر عن علي -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سألت الله أن يقدمك ثلاثًا فأبى علي إلا تقديم أبي بكر" ٣.

وأخرج ابن سعد عن الحسن قال: قال أبو بكر: يا رسول الله! ما أزال أراني أطأ في عذرات الناس، قال: "لتكونن من الناس بسبيل" قال: ورأيت في صدري كالرقمتين، قال: "سنتين" ٤.

وأخرج ابن عساكر عن أبي بكرة قال: أتيت عمر -وبين يديه قوم يأكلون- فرمى ببصره في مؤخر القوم إلى رجل فقال: ما تجد فيما تقرأ قبلك من الكتب؟ قال: خليفة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصديقه.

وأخرج ابن عساكر عن محمد بن الزبير قال: أرسلني عمر بن عبد العزيز إلى الحسن البصري أسأله عن أشياء، فجئته، فقلت له: اشفني فيما اختلف الناس فيه، هل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- استخلف أبا بكر؟ فاستوى الحسن قاعدًا وقال: أو في شك هو لا أبا لك؟! إي والله الذي لا إله إلا هو لقد استخلفه، ولهو كان أعلم بالله، وأتقى له، وأشد له مخافة من أن يموت عليها لو لم يؤمره.


١ أخرجه أبو داود "٥٨٢/١" والنسائي في سننه "٧٧٩/٢".
٢ أخرجه أحمد "٣٣٢/٥"، وأبو داود "٩٤١/١".
٣ أخرجه الخطيب في تاريخه "٢١٣/١١"، وابن عساكر في تاريخه "٣٢٦٣٧/١١".
٤ أخرجه ابن سعد في الطبقات "١٦٥/٢".

<<  <   >  >>