للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون والنصارى لعجبا كذا رأيته. والصواب اليهود قال خالد بن يزيد: "أما والله إني لأقرأ الكتاب الذي انزله الله على محمد فلم تجدها اليهود في الكتاب الذي أنزله الله عليهم ولكن تابوت السكينة كان على الصخرة فلما غضب الله عز وجل على بني إسرائيل رفعه فكانت صلاتهم إلى الصخرة عن مشاورة منهم".

وروى أبو داود أيضا أن يهوديا خاصم أبا العالية في القبلة فقال أبو العالية: "إن موسى كان يصلي عند الصخرة ويستقبل البيت الحرام فكانت الكعبة قبلته وكانت الصخرة بين يديه وقال اليهودي: بيني وبينك مسجد صالح النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو العالية: فإني صليت في مسجد صالح وقبلته الكعبة". انتهى.

قلت: وقد تضمن هذا الفصل فائدة جليلة وهي أن استقبال أهل الكتاب لقبلتهم لم يكن من جهة الوحي والتوقيف من الله بل كان عن مشورة منهم واجتهاد أما النصارى فلا ريب أن الله لم يأمرهم في الإنجيل ولا في غيره باستقبال المشرق أبدا وهم مقرون بذلك ومقرون أن قبله المسيح كانت قبلة بني إسرائيل وهي الصخرة وإنما وضع لهم شيوخهم وأسلافهم هذه القبلة وهم يعتذرون عنهم بأن المسيح فوض إليهم التحليل والتحريم وشرع الأحكام وأن ما حللوه وحرموه فقد حلله هو وحرمه في السماء فهم مع اليهود متفقون على أن الله لم يشرع استقبال المشرق على لسان رسوله أبدا والمسلمون شاهدون عليهم بذلك وأما قبلة اليهود فليس في التوراة الأمر باستقبال الصخرة البتة وإنما كانوا ينصبون التابوت ويصلون إليه من حيث خرجوا فإذا قدموا نصبوه على الصخرة وصلوا إليه فلما رفع صلوا إلى موضعه وهو الصخرة. وأما السامرة فإنهم يصلون إلى طور لهم بأرض الشام ويعظمونه ويحجون إليه ورأيته أنا وهو في بلد نابلس وناظرت فضلاءهم في استقباله وقلت هو قبلة باطلة مبتدعة فقال مشار إليه في دينهم هذه هي القبلة الصحيحة واليهود أخطأوها لأن الله تعالى أمر في التوراة باستقباله عينا ثم ذكر نصا يزعمه من التوراة في استقباله فقلت له هذا خطأ قطعا على التوراة لأنها إنما أنزلت على بني إسرائيل فهم المخاطبون بها وأنتم فرع عليهم فيها وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>