تلقيتموها عنهم وهذا النص ليس في التوراة التي بأيديهم وأنا رأيتها وليس هذا فيها فقال لي: صدقت إنما هو في توراتنا خاصة قلت: له فمن المحال أن يكون أصحاب التوراة المخاطبون بها وهم الذين تلقوها عن الكليم وهم متفرقون في أقطار الأرض قد كتموا هذا النص وأزالوه وبدلوا القبلة التي أمروا بها وحفظتموها أنتم وحفظتم النص بها فلم يرجع إلى الجواب.
قلت وهذا كله مما يقوى أن يكون الضمير في قوله تعالى:{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} راجعا إلى كل أي هو موليها وجهه ليس المراد أن الله موليه إياها لوجوه هذا أحدها.
الثاني: أنه لم يتقدم لاسمه تعالى ذكر يعود الضمير عليه في الآية وإن كان مذكورا فيما قبلها ففي إعادة الضمير إليه تعالى دون كل رد الضمير إلى غير من هو أولى به ومنعه من القريب منه اللاحق به.
الثالث: أنه لو عاد الضمير عليه تعالى لقال هو موليه إياها هذا وجه الكلام كما قال تعالى: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} فوجه الكلام أن يقال ولاه القبلة لا يقال ولى القبلة إياه فتأمله.
وقول أبي القاسم أنه تعالى كرر ذكر الأمر باستقبالها ثلاثا ردا على الطوائف الثلاث ليس بالبين ولا في اللفظ إشعار بذلك والذي يظهر فيه إنه أمر به في كل سياق لمعنى يقتضيه فذكره أول مرة ابتداء للحكم ونسخا للاستقبال الأول فقال {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ثم ذكر أن أهل الكتاب يعلمون أن هذا هو الحق من ربهم حيث يجدونه في كتبهم كذلك ثم أخبر عن عبادتهم وكفرهم وأنه لو أتاهم بكل آية ما تبعوا قبلته ولا هو أيضا بتابع قبلتهم ولا بعضهم بتابع قبلة بعض ثم حذره من اتباع أهوائهم ثم كرر معرفة أهل الكتاب به كمعرفتهم بأبنائهم وأنهم ليكتمون الحق عن علم ثم أخبر أن هذا هو الحق من ربه فلا يلحقه فيه امتراء ثم أخبر أن لكل من الأمم وجهة هو مستقبلها وموليها وجهة فاستبقوا أنتم أيها المؤمنون الخيرات ثم أعاد الأمر باستقبالها من حيث خرج في ضمن هذا السياق الزائد على مجرد النسخ ثم أعاد الأمر به غير