للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذنوب إلا أنت وفي الصحيحين أنه كان يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن أبي أوفى: "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملأ السماوات وملأ الأرض وملأ ما شئت من شيء بعد اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ" وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: "اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله أوله وآخره علانيته وسره" وفي مسند الإمام أحمد أنه كان يقول في صلاته: "اللهم اغفر لي ووسع عليّ في ذاتي وبارك لي فيما رزقتني" وفي صحيح مسلم عن فروة بن نوفل قال: قلت لعائشة حدثيني بشيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به في صلاته قالت: نعم كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من شر ما علمت ومن شر ما لم أعلم وكان يقول بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني" وكان يقول في قيامه إلى الصلاة بالليل: "اللهم لك الحمد" الحديث وفيه "فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت" وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء: "اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير"، وحقيقة الأمر أن العبد فقير إلى الله من كل وجه وبكل اعتبار فهو فقير إليه من جهة ربوبيته له وإحسانه إليه وقيامه بمصالحه وتدبيره له وفقير إليه من جهة إلهيته وكونه معبوده وإلهه ومحبوبه الأعظم الذي لا صلاح له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا بأن يكون أحب شيء إليه فيكون أحب إليه من نفسه وأهله وماله ووالده وولده ومن الخلق كلهم وفقير إليه من جهة معافاته له من أنواع البلاء فإنه إن لم يعافيه منها هلك ببعضها وفقير إليه من جهة عفوه عنه ومغفرته له فإن لم يعف عن العبد ويغفر له فلا سبيل إلى النجاة فما نجى أحد إلا بعفو الله ولا دخل الجنة إلا برحمة الله وكثير من الناس ينظر إلى نفس ما يتاب منه فيراه نقصا ولا ينظر إلى كمال الغاية الحاصلة بالتوبة وأن العبد بعد التوبة النصوح خير منه قبل الذنب ولا ينظر إلى كمال الربوبية وتفرد الرب بالكمال وحده وأن لوازم البشرية لا ينفك منها البشر وأن التوبة غاية كل أحد من ولد آدم وكماله كما كانت هي غايته وكماله فليس للعبد كمال بدون التوبة البتة كما أنه ليس له انفكاك عن سببها فإنه سبحانه هو المتفرد المستأثر بالغنى والحمد من كل وجه وبكل اعتبار والعبد هو الفقير المحتاج إليه المضطر إليه بكل وجه وبكل اعتبار فرحمته للعبد خير له من عمله فإن عمله لا يستقل بنجاته ولا سعادته ولو وكل إلى عمله لم ينج به البتة فهذا بعض ما يتعلق بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم" ومما يوضحه أن شكره سبحانه مستحق عليهم بجهة ربوبيته لهم وكونهم عبيده ومماليكه وذلك يوجب عليهم أن يعرفوه ويعظموه ويوحدوه ويتقربوا إليه تقرب العبد المحب الذي يتقلب في نعمه ولا غناء به عنه طرفة عين فهو يدأب في التقرب إليه بجهده ويستفرغ في ذلك وسعه وطاقته ولا يعدل به سواه في شيء من الأشياء ويؤثر رضا سيده على إرادته وهواه بل لا هوى له ولا إرادة إلا فيما يريد سيده ويحبه وهذا يستلزم علوما وأعمالا وإرادات وغرائم لا يعارضها غيرها ولا يبقى له معها التفات إلى

<<  <   >  >>