معربة من كتاب (الياقوت والمرجان، في ذكر علماء سهسوان)
للعلامة محمد عبد الباقي السهسواني
هو العلامة المحدّث النحرير مولانا الشيخ محمد بشير الفاروقي، ابن الحكيم محمد بدر الدين، بقية السلف الصالحين في الفضائل والكمالات، وأعظم مفخرة في العلم والحكمة، كان من المجددين للدين، وأحد المحققين المتأخرين، بلغ درجة الاجتهاد المطلق في عصره، ولد في أواسط القرن الثالث عشر الهجري، وتوفي أبوه وهو ابن تسع سنين، وكان له أخوان أكبر منه وثالث أصغر.
قضى زمن طفولته في لكنو، وبدأ فيها تعلمه بالقراءة على الشيخ محمد واجد علي، وعلى بعض أفاضل فرنجي محل، قرأ فنون المعقولات والمنقولات المتداولة، ثم ذهب إلى دهلي لتكميل علوم التفسير والحديث والفقه والأصول، فقرأ على السيد أمير حسن بعض الكتب الدينية، وأخذ عن مولانا سيد نذير حسين كتب الصحاح والسنن الستة وغيرها سماعاً وقراءة، واستجاز من الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليمني والشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى النجدي نزيل مكة، والشيخ محمد السهارنبوري المهاجر بمكة.
وبعد فراغه من الطلب استغل أولاً بتدريس العلوم العقلية من المنطق والفلسفة، ثم حصل له انهماك كثير من الفقه والأصول والأدب، وكان يفتي في الفقه موافقاً لمذهب الحنفية، ثم صاحب السيد أمير حسن فغلب عليه ذوق التحقيق في الدينيات، وتقدم في تحقيق اتباع القرآن والحديث، ومن ذلك الحين رجع في تحقيق جميع المسائل الجزئية والفرعية إلى الكتاب والسنة، وشرع في العمل بالحديث على طريقة المجتهدين، وصار يفتي بوجوب ترك الآراء والتقليد الشخصي، وكل مسألة وقع فيها اختلاف بين الأئمة الأربعة كان يرجح فيها مسلك المحدثين بأقوال السلف وآثار الصحابة، وكان