للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

موافقون للشيخ لكان له وجه١ فإن كلهم يقولون: إن الدعاء عبادة، وعبادة غير الله شرك.

قوله: وقال له رجل آخر مرة: هذا الدين الذي جئت به متصل أم منفصل؟ فقال له مشايخي ومشايخهم إلى ستمائة سنة كلهم مشركون، فقال له الرجل: إذاً دينك منفصل لا متصل، فعمن أخذته؟ فقال: وحي إلهام كالخضر، فقال له: إذاً ليس ذلك محصوراً فيك، كل أحد يمكنه أن يدعي وحي الإلهام الذي تدعيه.

أقول: هذا افتراء على الشيخ واضح، لم يقل الشيخ قط إن مشايخي ومشايخهم إلى ستمائة سنة كلهم مشركون، وإن ديني وحي إلهام، وراويه أحد الكاذبين، ومن يدعي صحته فعليه البيان.

قوله: ثم قال له: إن التوسل مجمع عليه –إلى قوله– فلا وجه لك في التفكير أصلاً.

أقول: لعل هذه الحكاية مجعولة، فإن الشيخ قد قال في الرسالة التي كتبها إلى عبد الله بن سحيم في جواب هذا الطعن {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} .

قوله: هذا حجة عليك، فإن استسقاء عمر بالعباس إنما كان لإعلام الناس بصحة الاستسقاء والتوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم.

أقول: هذا ادعاء بلا دليل، بل يرده لفظ الحديث، فإن فيه أن عمر رضي الله


١ الحق الواقع أن ما دعا إليه الشيخ من التوحيد هو ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه وأصحابه وجميع المسلمين في خير القرون، ثم نجمت قرون الشرك وسمي بغير اسمه، فلما فشا في العوام كان شيخ الإسلام ابن تيميه أول من قاومه وأطال الحجج في دحض شبهاته وتفنيد خرافاته، ولم يخالفه في هذا أحد من علماء عصره، بل قال بعضهم: إنه نبهنا لأمر كنا غافلين عنه، اللهم إلا ابن البكري ألف رسالة في الرد عليه وعرضها على علماء الأزهر وغيرهم ليجيزوها فلم يوافقه عليها أحد، وكان من فروعها بدع الزيارة وشد الرحال خالفه فيها تقي الدين السبكي، ولكنه لم يبح دعاء غير الله تعالى لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وإنما كثر المضلون في هذه المسألة بعد ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأن الجهل بالتوحيد صار أعم، ولأن الله تعالى سخر له آل سعود، فأسسوا للإسلام دولة عربية أفزعت الدولة التركية فقاتلت الدولة العربية وجعلت دعوى الدين حجة لها. وكتبه محمد رشيد رضا.

<<  <   >  >>