للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقول: قد أجاب الشيخ في بعض رسائله عن هذا بقوله: وأما دلائل الخيرات فلذلك سبب، وذلك أني أشرت على من قبل نصيحتي من إخواني أن لا يصير في قلبه أجلّ من كتاب الله، ويظن أن القراءة فيه أنفع من قراءة القرآن١.

وأما إحراقه والنهي عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأي لفظ كان فهذا من البهتان، كذا في (روضة الأفكار) . وأيضاً فيها: وأما قوله وأحرق أيضاً "روض الرياحين" وسماه روض الشياطين فهذا من الكذب والزور المبين. اهـ.

وأما قوله وأبطل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلتها، فهذا الكلام مع بشاعة لفظه فيه إيهام وإبهام، وتشنيع بظاهره عند العوام، وتنفير لهم من توحيد الملك العلام، فإن الشيخ رحمه الله لم ينه عن ذلك ولم يبطله، إلا الفعل الذي يفعل في كثير من البلدان، وقد أبطله جماعة قبله من الأعيان، وأنكره جماعة من نقاد هذا الشأن، وقالوا لا يتقرب إلى الله تعالى [به] ولا يدان، لأنه بدعة محضة أظهرها في مقام العبادة الشيطان. اهـ.

وقال أيضاً فيه وليعلم القارئ لهذا الكتاب، والواقف على هذا الخطاب، أن البيان عن ذلك في الجواب، أن الذي أنكره من غير شك ولا ارتياب، هو ما يفعل في غالب الأمصار، ويعمل في كثير من الأقطار، لا سيما الحرمين كما صح بالمشاهدة والأخبار، وذلك أنه يصعد ثلاثة أو أكثر على رؤوس المنار، ويقرءون آيات من القرآن، ويصلون على النبي بأرفع صوت وإعلان، ويأتون بقبيح الألحان وأصوات تحاكي غناء القيان، ويمططون آيات الله الكريمة، ويغيرون حرمة أسمائه


١ إن أصحاب الطرائق وضعوا للناس أوراداً وأحزاباً مدونة من أذكار وأدعية وصلوات يتعبدون بها في أوقات معينة كالصلوات الخمس، فهذا العمل منتقد شرعاً من عدة وجوه: (١) أن فيها أوصافاً لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم مخالفة للثابت في الكتاب والسنة. (٢) أن فيها ما لا يقبل مثله إلا بنص منهما، لأنه توقيفي على الراجح المختار عند أئمة الأمة كما قاله صاحب الجوهرة:
واختير أن اسماه توقيفية ... كذا الصفات فاحفظ السمعيه
(٣) أن التزامها وتقييدها في الأوقات المعينة، والاجتماع لبعضها ورفع الصوت بها، وجعلها من قبيل الشعائر، يدخلها في عموم البدعة الإضافية ويخرجها من عموم العبادات المطلقة على فرض ورودها فيها كما حققه الإمام الشاطبي في الاعتصام. (٤) أنهم آثروها على التعبد بتلاوة القرآن التي هي أعلى العبادات المطلقة وأذكار السنة، كما حققناه في تفسير المنار. (راجع صفحة ٣٧٤ جزء ١٠) .

<<  <   >  >>