للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويستبدون برأيهم ويتنطعون في الزهد والخشوع وغير ذلك، فلما قتل عثمان قاتلوا مع علي واعتقدوا كفر عثمان ومن تابعه واعتقدوا إمامة علي وكفر من قاتله من أهل الجمل الذين كان رئيسهم طلحة والزبير فإنهما خرجا إلى مكة بعد أن بايعا علياً فلقيا عائشة وكانت حجت تلك السنة فاتفقوا على طلب قتلة عثمان وخرجوا إلى البصرة يدعون الناس إلى ذلك، فبلغ علياً فخرج إليهم فوقعت بينهم وقعة الجمل المشهورة١، وانتصر علي وقتل طلحة في المعركة، وقتل الزبير بعد أن انصرف من الوقعة، فهذه الطائفة هي التي كانت تطلب بدم عثمان بالاتفاق، ثم قام معاوية بالشام في مثل ذلك، وكان أمير الشام إذا ذاك٢، وكان علي أرسل إليه لأن يبايع له أهل الشام، فاعتل بأن عثمان قتل مظلوماً، وتجب المبادرة إلى الاقتصاص من قتلته، وأنه أقوى الناس على الطب بذلك ويلتمس من علي أن يمكنه منهم، ثم يبايع له بعد ذلك، وعلي يقول ادخل فيما دخل فيه الناس وحاكمهم إلى أحكم فيهم بالحق، فلما طال الأمر خرج في أهل العراق طالباً قتال أهل الشام، فخرج معاوية في أهل الشام قاصداً إلى قتاله٣، فالتقيا بصفين فدامت الحرب بينهما شهراً، وكاد أهل الشام أن ينكسروا، فرفعوا المصاحف على الرماح ونادوا: ندعوكم إلى كتاب الله، وكان ذلك بإشارة عمرو بن


١ وفي الليلة التي تقدمت الوقعة حصل التفاهم بين الفريقين على يد القعقاع رضي الله عنه، وبات أبناء هؤلاء عند هؤلاء وأبناء هؤلاء عند أولئك، فلما أيقن قتلة عثمان أن الصلح سيكون على رقابهم ودمائهم بيتوا الفتنة والشر، وفي الفجر فاجأوا الفريقين بإنشاب القتال، فهب كل فريق يدافع عن نفسه ويحسب أن الغدر وقع عليه من الفريق الآخر، ولم يعلموا أن قتلة عثمان هم الذين أنشبوا الحرب في الجانبين. محب الدين.
٢ وهو كبير بني أمية والولي عنهم بطلب إقامة الحد على قتلة أمير المؤمنين عثمان بن عفان.
٣ أي أن خروج جند الشام إلى صفين كان بعد خروج جند علي إلى النخيلة متجهين نحو الشام، وهذه حقيقة تاريخية لا يختلف عليها أحد.

<<  <   >  >>