للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فآثاره فيها سوام١ سوافر ... وأنواره فيها تضىء وتسطع

لقد وجد الإسلام يوم فراقه ... مصابا خشينا بعده يتصدع

وطاش ذوو الأحلام والفضل والنهى ... وكادت له الأرواح تترى وتتبع

وطارت قلوب المسلمين بيومه ... وظنوا به أن القيامة تقرع

فضجوا جميعا بالبكاء تأسفا ... وكادت قلوب بعده تتفجع

وفاضت عيون واستهلت مدامع ... يخالطها مزج من الدم يهمع

بكته ذوو الحاجات يوم فراقه ... وأهل الهدى والحق والدين أجمع

فما لي أرى الأبصار قلص دمعها ... وليست على فقده تهمى وتدمع

وما لي أرى الألباب تبدي قساوة ... وليست على ذكراه يوما توجع

لقد غدرت عين تضن بمائها ... عليه وكبد قد أبت لا تقطع

يحق لأرواح المحبين أن ترى ... مقوضة لما خلت منه أربع

وتتلو سريرا فوقه قمر الهدى ... وشمس المعالي والعلوم تشيع

فما بالها قرت بأشباح أهلها ... ولم تك في يوم الوداع تودع

فيالك من قبر حوى الزهد والتقى ... وحل به طود من العلم مترع٢

لئن كان في الدنيا له القبر موضع ... فيوم الجزا يرجى له الخلد موضع

سقى قبره من هاطل العفو ديمة٣ ... وباكره سحب من البر تهمع


١ سوام: أى علامات يهتدى بها.
٢ المعنى حل بالقبر طود مترع من العلم. والطود: الجبل العظيم والمترع الملآن.
٣ الديمة: المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق أقله ثلث النهار أو ثلث الليل وأكثره ما بلغ من العدة. مختار الصحاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>