عن القرآن وأراد الفقه من غيره عقوبتين، إحداهما: المعيشة الضنك، وفسرها السلف بنوعين، أحدهما: ضنك الدنيا- وهو أنه- إن كان غنيا- سلط عليه خوف الفقر وتعب القلب والبدن في جميع الدنيا حتى يأتيه الموت، ولمَ يَتَهنَّ بعيش.
الثاني: الضنك في البرزخ وهو عذاب القبر. وفسر الضنك في الدنيا أيضا بالجهل، فإن الشك والحيرة لهما من القلق وضيق الصدر ما لهما، فصار في هذا مصداق لقوله في الحديث عن القرآن:"من ابتغى الهدى من غيره أضله الله" فبان لك أن الله عاقبهم بضد قصدهم، فإنهم قصدوا معرفة الفقه فجازاهم بأن أضلهم وكدر عليهم معيشتهم بعذاب قلوبهم لخوف الفقر وقلة غنى أنفسهم، وعذاب أبدانهم بأن سلط عليهم الظلم والفقر وأغرى بينهم العداوة والبغضاء. فإن أعظم الناس تعاديا هؤلاء الذين ينتسبون إلى المعرفة، ثم قال تعالى:{وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} والعمى نوعان: عمى القلب وعمى البصر. فهذا المعرض عن القرآن لما عميت بصيرته في الدنيا عن القرآن، جازاه الله أن حشره يوم القيامة أعمى. قال بعض السلف: أعمى عنِ الحجة لا يقدر على المجادلة بالباطل كما كان يصنع في الدنيا {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً} فذكر الله أنه يقال له: هذا بسبب إِعراضك عن القرآن في الدنيا وطلبك العلم من غيره. قال ابن كثير في الآية {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} أي خالف أمري وما أنزلته على