للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لابد لها من أمير مطاع يزع الله به الناس جميعاً فيكون بمثابة المرجع للجميع يجد فيه المحق تأييدا وتشجيعاً وضمانا لحقه ورعاية لجهوده، كما يجد فيه المبطل رادعاً قوياً يمنعه من الفوضوية والتعدي وتخريب أمن مجتمعه وحياة مواطنيه. قال الله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة: ٢٥١) .

وقال تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: ٤٠) .

ولذا يقول العالم الاجتماعي ابن خلدون في "مقدمته" تحت عنوان: (ضرورة العمران البشري إلى السلطان الوازع بعضهم عن بعض) :

" إِن الاجتماع الإنساني ضروري ... ثم إن هذا الاجتماع إذا حصل للبشر ... وتم عمران العالم بهم، فلابد من وازع يدفع بعضهم عن بعض لما في طباعهم الحيوانية من العدوان والظلم ... فيكون ذلك الوازع واحدا منهم يكون له عليهم الغلبة والسلطان واليد القاهرة حتى لا يصل أحد إلى غيره بعدوان وهذا هو معنى الملك، وقد تبين لك بهذا أَن للإنسان خاصة طبيعية، ولابد لهم منها، وقد يوجد في بعض الحيوانات العجم على ما ذكره الحكماء كما في الجراد والنحل لما استقرىء فيها من الحكم والانقياد والاتباع لرئيس من أشخاصها متميز عنهم في خلقه وجثمانه إلا أن ذلك موجود لغير الإنسان بمقتضى الفطرة والهداية، لا بمقتضى الفكرة

<<  <  ج: ص:  >  >>