لذلك بعد مواجهة الشيخ للوضع السياسي في حريملاء أدرك رحمه الله أَنه لابد للبناء والعمران الإسلامي من سلطان يحميه من هدم الآخرين وأن البناء لا يبلغ تمامه إذا كان يوجد بجانب من يبني أحد غيره يهدم، وأدرك رحمه الله أَن السلطان مختل في تلك البلدة وإذا كان مختلا فلا تصلح لأن تكون مقراً للدعوة لما في طباع البشر من العدوان عند فقد السياسة الشرعية أو السلطة الوازعة. عندئذ تعين لدى الشيخ أن السياسة الشرعية في بناء البيئة الإسلامية وهدم البيئة الجاهلية تقتضي البحث عن أمير قوي لا ينازع وليس مجرد أمير قوي لا ينازع فحسب بل مع ما أعطاه الله من السيادة وحسن السياسة وتدبير الملك والرعية وجودة الرأي والفكرة، مع هذا يكون بصيراً في الدين، يدين بالإسلام، ويقتنع بصحة الدعوة إليه والقيام بنصرته.
وحريملاء ليس فيها من هذه صفته، وكان عثمان بن معمر أمير العيينة ممن توفر فيهم صفة الأمير، وكان الشيخ قد أَبلغه الدعوة إلى الإسلام فقبل فكان المرشح من قبل الشيخ لسد الحاجة إلى أمير يحمي منجزات الدعوة بسيفه، وينشرها بقيادته وجهاده ونصرته فانتقل إلى العيينة، واختارها منطلقاً للدعوة.