للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلدان في شهر رمضان، وصار هذا الشهر العظيم عندهم كأنه جمادى أو شعبان وتعذرت بين البلدان الأسفار واتخذوا دعوى الجاهلية لهم شعارا، فحارب البلدان وقاتل العربان، ودعاهم إلى الجماعة والسمع والطاعة حتى ضرب الإسلام بجرانه وسكنت الأمة في أمنه وأمانه"١.

وكان من شأن الإمام تركي فيما يتعلق بنصره دين الله وعطفه على الرعية وحزمه مع أمرائه ما يذكره ابن بشر؛ قال: "لما خرج من الدهناء نزل على غدير يقال له وثيلان، فأمر على رؤساء النواحى أن يجتمعوا، فلما حضروا قام فيهم وذكرهم نعمة الله عَلَيْهِمْ بالاجتماع بعد الفرقة والأخوة بعد العداوة، والغنى بعد العَيْلَةِ، واعترف عند ذلك بنعمة الله عليه وضعفه وعجزه وتقصيره وحقر نفسه، ثم إِنه أَغلظ الكلام على الأمراء وتهددهم وتوعدهم عن ظلم الرعايا والأخذ منهم غير الحق، ثم قال وإنكم إذا ورد أمري عليكم بالمغزا؛ حملتموهم زيادة لكم، وإياكم وذلك فإنه ما منعني أن أجعل على أهل البلدان زيادة ركاب في غزوهم إلا الرفق بهم وإني ما حملتهم إلا بعض ما حملهم الذين من قبلي والله تعالى يقول: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} وإنه إذا ورد عليكم أمري فرحتم بذلك لتأكلوا في ضمنه وصرتم كراصد النخل يفرح بشدة الريح ليكثر الساقطة عليه، واعلموا أني لا أبيحكم أن تأخذوا من الرعايا شيئا


١ انظر: تاريخ ابن بشر، عنوان المجد، ج٢/ ص ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>