للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول في مصطلح الإرهاب (١) وأشكاله من منظورٍ شرعيٍّ أولا: في مصطلح الإرهاب

إنَّ نظرة متفحّصة في تراثنا الفكريِّ والعقديِّ والسياسيِّ والفقهيِّ تهدينا إلى تقرير القول بأنَّ هذا التراث خلا من التعرض لذكر أيِّ تعريفٍ معتبرٍ لهذا المصطلح، بل إنَّ نصوص الكتاب الكريم والسنَّة النبويَّة الشريفة تجاوزت صياغة أيِّ تعريفٍ منضبطٍ له، وقد وردت مادة رهب ومشتقاتها (استرهب، أرهب، رهب) في حوالي ٨ آيات من القرآن الكريم (٢) ، ولا يشتمل أيٌّ منها على أدنى تعريف لمصطلح الإرهاب، بل إن له معاني متعددة وفق السياقات التي جاءت في تلك الآيات المباركات.

وأما المدوَّنات الفقهيَّة القديمة، فإنها لم تعن - حسب علمنا المتواضع - بذكر أدنى تعريفٍ لهذا المصطلح الذي لم يكن له حضور عند الأقدمين من الفقهاء والمفسرين وغيرهم، كما لم يفرد له باب بعينه، مما يجعلنا نفزع إلى تقرير القول بأنّ هذا المصطلح لم يحظ بتعريفٍ من لدن العلماء القدامى، وما يجده المرء في هذا العصر لا تخلو من أن تكون اجتهاداتٍ معاصرة من لدن بعض الفقهاء المعاصرين الذين أفتوا بتجريمه أو بمباركته.


(١) الإرهاب لغةً مصدر لفعل أرهب يرهب إرهابًا، ويراد تخويف الآخر وترويعه، كما يراد به إدخال الرعب والفزع في نفس الآخر، ومن مواده، الرهبة، والاسترهاب، والرهب، وتعني الخوف، والفزع. . انظر مادة رهـ ب من لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، وغيره.
(٢) والآيات هي قوله: وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون [الأعراف:١٥٤] ، وقوله: وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإيّايّ فارهبون [البقرة:٤٠] وقوله: إنما هو إله واحد فإيّايّ فارهبون [النحل: ٥١] وقوله: ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم [الأنفال:٦٠] وقوله: واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم [الأعراف:١١٦] ، وقوله: واضمم إليك جناحك من الرهب [القصص:٣٢] ، وقوله: لأنتم أشدّ رهبةً في صدورهم من الله [الحشر: ١٣] ، وقوله: إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبًا [الأنبياء: ٩٠] .

<<  <   >  >>