التي لا يأتيها الباطل، ولا الشك تصديقاً لقوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:٩] .
وفي هذا يقول الإمام النووي رحمه الله:"محمد عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، خاتم النبيين، صاحب الشفاعة العظمى، ولواء الحمد، والمقام المحمود، سيد المرسلين، المخصوص بالمعجزات الباهرة المستمرة على تكرار السنين؛ التي تحدى بها أفصح القرون، وأفحم بها المنازعين، وظهر بها خزيُ مَنْ لم يَنْقَدْ لها من المعاندين، المحفوظة من أن يتطرق إليها تغيير الملحدين، أعني بها القرآن العزيز، كلام ربنا الذي نزل به الروح الأمين؛ على قلبه ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين"(١) .
بل عدَّ بعضهم صفاته الخَلقية والخُلقية الظاهرة والباطنة وجميع شمائله هي باب الدلائل على نبوته، لأن جميع الصفات الإنسانية جاءت فيه على الوجه الأكمل والمثال الأجمل، ولهذا فقد عدَّ بعضهم - وبخاصة الإمام البيهقي رحمه الله (ت ٤٥٨هـ) في موسوعته العظيمة (دلائل النبوة) - كتب الدلائل هي أشمل وأعظم كتب السيرة، لما تضمنته من أخبار، ومرويات، وقصص، وحوادث، ومعجزات، وخصائص، وطبائع، وصفات خَلقية وخُلقية.
بل إنَّ ما يتعلق به من بشارات، وإرهاصات، ومقدمات وكل ما يتعلق بقومه، وعشيرته، وحسبه، ونسبه، واصطفاء الله تعالى له، وفضله في الدنيا والآخرة، وما أعطاه الله فيهما لنفسه ولأمته، هي كلها دلائل واضحة على صدق نبوته وعموم رسالته المؤيدة بالمعجزات الحسية والمعنوية.
(١) مقدمة حق اليقين في معجزات خاتم الأنبياء والمرسلين: ص:٦.