للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقاذفت به الفلوات وترامت به الأقطار، هو أشعث أغبر لعدم استقراره في الحضر، وأنه من تراكم المشاق ضعف جسمه، ودق عظمه، وصغر هيكله بحيث صار لا يحجب الشمس إلا قليلا، المستلزم ذلك قلة ظله إذ كثرة الظل وقلته باعتبار كثرة الحاجب وقلته، فيكون ظله على ظهر المطية قليلا في كل وقت وحال سوى وقت وحال تنحية الرداء عنه للشمس، أي وقت لبسه الرداء، فيكثر الظل حينئذ لكثرة الحاجب، ولا يخفى أن هذا المعنى من المعاني التي تخبر عنها الشعراء من المقدمات الشعرية والقضايا «١٤٢ أ» الخطابية، فيبرزون الموهوم بصورة المحسوس تخيلات تقبلها النفوس، وتارة يحكمون بخفاء المحسوس المعلوم ويعدونه أقسام الموهوم، فمن ذلك مما يناسب ما نحن فيه قول سيدي شرف الدين عمر بن الفارض:

خفيت ضنى حتى لقد ضلّ عائدي ... وكيف ترى العواد من لا له ظل «١»

وقوله: «٢»

قد تركت الصّب فيكم شبحا ... ماله مما يراه الشوق فيّ

وقول المتنبي: «٣»

كفى بجسمي نحولا أنني رجل ... لولا مخاطبتي اياك لم ترني

وقوله: «٤»

ولو قلم ألقيت في شق رأسه ... من السقم ما غيّرت من خطّ كاتب

وقولي من أبيات مقامتي التي سماها سيدنا الحسيب النسيب السيد مصطفى البكري الصديقي- حفظه الله تعالى- بالجامعة للأمثال العزيزة «٥» الأمثال: صار يحكي شبحا ما له ظل، وفي غاب عن عواده مذ غدا ليس بشيء، أن يكون ما في البيت معرفة ناقصة أو نكرة

<<  <   >  >>