للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ناقصة، والجملة «١٤٢ ب» الفعلية أما صلة أو صفة، والضمير المجرور بمن عائد إلى ما، والمستثنى منه أما، الظهر مرادا به الأجزاء، أي أن ظله قليل على جميع أجزاء ظهر المطية، سوى الجزء الذي نحّى عنه الرداء، لأن الرداء يتجافى فيتسع الظل لكثرة حجب ضوء الشمس، فحينئذ يكثر الظل على الجزء الذي نحّى الرداء عنه ضوء الشمس لكثرة منع الرداء حينئذ ضوءها، الظل بناء على أن الإضافة استغراقية، والمعنى حينئذ أنه جميع افراد الظل على ظهر المطية قليل إلا الظل الذي نحّى عنه الرداء ضوء الشمس لكثرة منع الرداء حينئذ ضوءها المستلزم ذلك كثرة الظل، وذلك لما قدمنا من أن كثرة الظل وقلته باعتبار كثرة الحاجب وقلته، والمعنيان متلازمان، ويحتمل أن يراد بالظل نفس الشخص، والمعنى أن هذا الجواب الملازم للأسفار قد رق جلده ودق عظمه بحيث إن شخصه يرى على ظهر المطية قليلا أي صغيرا، إلا ما نحى عنه الرداء الفضاء فيرى في رأى الغير كثيرا كبيرا، وإطلاق القليل على الصغير والكثير على الكبير جائز بالاعتبار، والمستثنى منه يحتمل الأوجه السابقة كلها، وكذا لفظ ما يحتمل الاسمية والحرفية، وتشخيص المعاني على جميع التقادير (١٤٣ أ) لا يخفى على الناقد البصير. ثم أني وقفت على ما كتبه المنيني «١» فإذا هو بمراحل عن المعنى المراد والله تعالى أعلم.

ودعانا إلى بيته مرة ثانية، فقضينا تلك الليلة بلذيذ المسامرة، من إنشاد شعر، وضرب مثل، وإيراد مسألة، فما رأيت أحفظ منه للغة ولأبيات العرب، كأن اللغة أوحت إليه بحفظ ديوان المتنبي وديوان أبي تمام وديوان الأرّجاني، ما عدا القصائد والأبيات الخارجة عن ذلك، وهي كثيرة بحيث لو جمعت لبلغت دواوين.

وله- حفظه الله- نظم بليغ رائق قل أن رأيت مثله، فمن نظمه:

أيها المعرض الذي قد جفاني ... ففؤادي في قبضة الوجد عاني

صار دمعي يسابق اللفظ بالش ... كوى ويحكيه رقة في البيان

كم عتاب أبديه حتى إلى الكا ... س واعذبه الذي قد عناني

<<  <   >  >>