جنس الذنوب. فإنه لما منع الدعوى وذكر أن الواقع من الفتن والقتال إنما صدر عن اجتهاد ورأي، وأن المجتهد في مثل هذا ـ يعني مسائل الإمامة والطلب بدم عثمان، ونحو ذلك ـ مما يعذر فيه المجتهد إذا كان هذا حاصل علمه واجتهاده ولم يقصد معصية الله ورسوله.
ثم قال بعد ذلك: والعقاب في الدار الآخرة قد يرتفع عن المسلم ـ أو قال المؤمن ـ بأسباب عشرة، فذكر التوبة والاستغفار، والعمل الصالح الذي ترجح به حسناته، والمصائب المكفرة في الدنيا والمصائب المكفرة في البرزخ، والمصائب المكفرة في عرصات القيامة؛ ودعاء المؤمنين واستغفارهم؛ وشفاعتهم له في الدار الآخرة وشفاعة سيد الشفعاء، ومغفرة الله ورحمته. فإن لم تقوَ هذه الأسباب ومنع مانع من جهة العبد؛ فلا بدّ من دخوله النار وتطهيره من آثار الذنوب فإذا طهر ونقي دخل الجنة.
وهذا معنى كلام الشيخ في المنهاج وغيره، فمن أراد المراجعة فالعبارة معروفة في محلها.
وقال شيخنا في بعض رسائله: لما اختلف الناس بعد مقتل عثمان؛ وبإجماع أهل العلم أنهم لا يقال فيهم إلا الحسنى، مع أنهم عثوا في دمائهم.
ومعلوم أن كلام من الطائفتين ـ أهل العراق وأهل الشام ـ معتقدة أنها على الحق والأخرى ظالمة وكان من أصحاب علي من أشرك بعلي، وأجمع الصحابة على كفرهم وردتهم وقتلهم، لكن حرقهم علي، وابن عباس يرى قتلهم بالسيف ـ أترى أهل الشام لو حملهم مخالفة علي على الاجتماع بهم والاعتذار عنهم والمقاتلة معهم لو امتنعوا أترى أحدا من الصحابة يشك في كفر من التجأ إليهم ولو أظهر البراءة من اعتقادهم؟ وإنما التجأ إليهم وزين مذهبهم لأجل الاقتصاص من قتلة عثمان.
فتفكر في هذه القصة فإنها لا تبقي شبهة إلا على من أراد الله فتنته انتهى.