شيخ من الصالحين يعرف بعمر بن الرعيني ـ وساق حكاية مثل السابقة وقعت لرافضي خبيث انتقم الله منه لتنقصه أبا بكر الصديق رضي الله عنه.
والجواب أن يقال:
هذه الحكاية من جنس ما قبلها، لا تدل على ما زعمه العراقي من الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلّم أو غيره، وليس في فعل هذا الرجل المستغيث ما يستأنس به ويستريح إليه المبطلون. ونقل ابن القيم لها وإيراده لمثل هذا يقصد به بيان فضل الصديق، وشناعة الرفض وقبحه، وأن الله أكرم صاحب نبيه وصديق الأمة بتعجيل العقوبة لأعدائه الرافضة، ومسخهم قردة وخنازير، أو أن من والى صديق الأمة وسلك ما عليه أهل السنة والجماعة من موالاة جميع الصحابة، فإن الله ينصره ويؤيده ويستجيب دعاءه. وقد تقدم قول الشيخ في المستغيثين بالنبي صلى الله عليه وسلّم ومنعه من ذلك ونهيه عنه. والاستغاثة بالأنبياء والصالحين بعد مماتهم وفي مغيبهم مسألة معروفة مشهورة تكلم فيها أهل العلم، ومنعوا منها أشد المنع، وذكروا أنها من شعب الشرك وأنها أصله الذي نشأ منه وتفرع عليه سائر الشركيات، وصنف الشيخ رحمه الله مجلداً في منع الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلّم والتحذير منها، ومن الاستغاثة بغيره من الأنبياء والصالحين وقرر أدلة المنع من الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار، وأكثر الكلام في المنع من هذا.
قال رحمه الله: "ومما يبين حكمة الشريعة وعظم قدرها وأنها كسفينة نوح أن الذين خرجوا عن المشروع خرجوا إلى الشرك. وطائفة منهم يصلون ويدعو أحدهم الميت فيقول: اغفر لي وارحمني. ومنهم من يستقبل القبر ويصلي إليه مستدبرا الكعبة ويقول: القبر قبلة الخاصة، والكعبة قبلة العامة. وهذا يقوله من هو أكثر الناس عبادة وزهداً، وهو شيخ متبوع ولعله أمثل أصحاب شيخه، وهو يقوله عن شيخه. وآخر من أعيان الشيوخ المتبوعين أصحاب الاجتهاد في العبادة والزهد، كان يأمر المريد أول ما يتوب أن يذهب إلى قبر الشيخ فيعكف عليه عكوف أهل التماثيل. وجمهور هؤلاء المشركين بالقبور يجدون عند عبادة القبور من الرقة والخشوع والدعاء وحضور القلب ما لا يجدونه في المساجد