بالنبي صلى الله عليه وسلّم ورد عليه ـ وقد طاف بجوابه على علماء مصر ليوافقه واحد منهم، فما وافقوه، وطلب أن يخالفوا الجواب الذي كتبته ـ أي شيخ الإسلام ـ فما خالفوه. مع أن قوما كان لهم غرض وفيهم جهل بالشرع قاموا في ذلك قياما عظيما، واستعانوا بمن كان له غرض من ذوي السلطان مع فرط عصبيتهم وكثرة جمعهم، وقوة سلطانهم ومكايدة شيطانهم" انتهى.
فتأمل هذا الكلام فإنه يستبين لك به ضلال العراقي، وأنه لم يفهم المراد من الحكاية، وقد صرح شيخ الإسلام أن السنة كسفينة نوح، ومعلوم أن دعاء الأنبياء ليس من السنة، بل هو من البدع الشركية، ومنها أن بعضهم أفضى به ذلك إلى أن يصلي للميت، ويقول: اغفر لي وارحمني، وهذا جائز عند العراقي وإخوانه من عبّاد القبور، سائغ لا ينكر، ومنها أن بعض المستغيثين يعكف على القبر عكوف أهل التماثيل، وهذا واقع منهم أيضاً، وهذا من لوازم قولهم بجواز الاستغاثة، ومنها أن جمهور هؤلاء المشركين بالقبور يجدون عند عبادتها من الرقة والخشوع وحضور القلب ما لا يجدونه في المساجد، ومنها أن بعضهم يحج إلى القبور، وهذا عند العراقي وشيعته من الفضائل التي لا تنكر، ومنها: إنكار الشيخ على من صنّف كتاب الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلّم في اليقظة والمنام، وأن هذا المصنف حجّ مرة وكان قبر النبي صلى الله عليه وسلّم منتهى قصده، ثم رجع ولم يذهب إلى الكعبة، وفاعل ذلك عند العراقي وشيعته أفضل من الحاج إلى بيت الله، ومنها أن ذلك أفضى ببعضهم إلى أن قال: البيوت المحجوجة ثلاثة: مكة، وبيت المقدس، والبدّة الذي بالهند، وبعضهم لا يرى ذلك للبدّة الذي بالهند ويراه لمن يعتقده وما يؤلهه من المشايخ، ومنها أن بعضهم يعرّف عند مقابر الشيوخ كما يفعل بعرفة، وأن هذا وقع بالمغرب والمشرق، ومنها أن الشيخ نفى العلم عمن يستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلّم كالصرصري وابن النعمان، وأنهم جروا على عادة العامة الذين يستغيثون بالمشايخ في الشدائد، ويدعونهم، ومنها أن من له ظاهر فضل وعلم وزهد قد يقع منه الشرك والاستغاثة بغير الله،