قولان. وحقيقة الأمر: إن القول قد يكون كفراً، فيطلق القول بتكفير قائله، ويقال: من قال كذا فهو كافر، لكن الشخص المعين الذي قاله لا يكفر، حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها ـ ثم ساق كلام الشيخ في أن المقالات الكفرية لا يكفر قائلها إلا بعد قيام الحجّة.
والجواب أن يقال:
قد تكرر هذا عن العراقي، ولكنه أراد أن يعظم حجم الكتاب ويظن العامة أن قد جدّد حجة من السنة أو الكتاب، أو كلام ذوي الألباب، وهو لم يزل ولا يزال يتردد في ظلماته، ويكرر ريبه وشبهاته. والجواب تقدم.
وفيما ساقه هنا رد لباطله وحجّة عليه، من جهة أن الشيخ حكى في تكفير الخوارج ونحوهم عن مالك قولين، وعن الشافعي كذلك، وعن أحمد أيضاً روايتين، وأبو الحسن الأشعريّ وأصحابه لهم قولان، وحيث كان الحال هكذا في الخوارج فقد اختلف الناس في تكفيرهم والغلاة في علي لم يختلف أحد في تكفيرهم. وكذلك من سجد لغير الله أو ذبح لغير الله أو دعاه مع الله، رغباً أو رهباً.
كل هؤلاء اتفق الخلف والسلف على كفرهم، لما ذكره أهل المذاهب الأربعة، ولا يمكن لأحد أن ينقل عنهم قولاً ثانياً. وبهذا تعلم أن النزاع وكلام الشيخ ابن تيمية وأمثاله في غير عباد القبور والمشركين، وإنما فرضه وموضوعه في أهل البدع المخالفين للسنة والجماعة. وهذا يعرف من كلام الشيخ ولكن العراقي من جملة البقر والثيران، وإن كان ضخم العمامة واسع الأردان وقد تقدم قول الشيخ من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم ويتوكل عليهم كفر إجماعاً، فحكى الإجماع على كفر هذا الصنف، حكى الخلاف في تكفير الخوارج ونحوهم، فاعرف الفرق، ولولا عموم الجهل، وبعد العهد بآثار النبوة لما أطلنا الكلام في مثل هذه المباحث؛ لأنها مما يعلم بالضرورة من دين الإسلام.
قال ابن جرجيس: النقل الثامن والعشرون: قال الشيخ ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم، ما نصه: فكما أن إثبات المخلوقات أسباباً لا يقدح