في توحيد الربوبية، ولا يمنع أن يكون الله خالق كل شيء، فلا يجوز أن يدعي المخلوق لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة، كذلك إثبات بعض الأفعال المحرمة: من شرك أو غيره أسباباً، لا يقدح في توحيد الإلهية، فإن أحسن أحواله أن يكون مجتهداً في هذه المسألة أو مقلداً.
والجواب أن يقال:
قد تقدم لهذا العراقي، ويأتيك عنه في غير موضع ـ أنه استدل بإجابة الدعاء عند القبور وإجابة من سأل أهل القبور على استحباب ذلك، وأنه دين يحبه الله ويرضاه، وحكى هنا عن الشيخ أن ذلك لا يقدح في توحيد الربوبية، ولا يمنع أن يكون الله خالق كل شيء، فلا يجوز أن يدعي المخلوق لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة فهذا يهدم قوله، ويدفع صدره، ولكنه لا شعور له بما في كلام الشيخ من الحق والهدى وكذلك بما في قوله: إثبات بعض الأفعال المحرمة من شرك، أو غيره أسباباً لا يقدح في توحيد الإلهية، والعراقي يجعل السبب دليلا على جواز دعاء غير الله، والشرك في الإلهية.
فاعجب لهذه الحكاية والقضية، وأكثر ما يدعو هؤلاء المشركين إلى دعاء القبور والصالحين ما يحكونه من أنّ فلاناً دعا فاستجيب له، وفلاناً استغاث فأغيث. وفلاناً رد عليه بصره، وعند السدنة وعباد القبور من هذا شيء كثير. قد أورد منه العراقي شيئاً كثيراً، جعله من قواعد مذهبه، وأدلة شركه، ومن العجب العجاب: أن الهوى يعمي الرجل حتى لا يفهم ما ينقل، ولا ما يخرج من بين شفتيه.
وأما قوله: إن الشيخ قال: فإن أحسن أحواله أن يكون مجتهداً في هذه المسألة أو مقلداً، فهذه الجملة ليس متصلة ولا مرتبطة بما ساق العراقي، ولا مناسبة بينها وبينه والشيخ قد ساقها في موضع آخر وبحث آخر، ولكن ابن جرجيس كذاب جاهل، وقد مر لك جنس تحريفه، قال تعالى:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[الجمعة:٥] .