للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عليه تلك الأحاديث، ومسلم إنما روى عنه قبل اختلاطه كما عُلم ذلك بالنظر إلى تاريخ اختلاطه في مصر فَوُجد أنه بعد خروج مسلم منها.

وانظر مثلاً "سلام بن أبي مطيع" برقم: ١٤١، الذي تُكلم في حديثه عن قتادة، وقد روى عنه البخاري عن غير قتادة بمتابعة غيره، والأمثلة كثيرة لو أردت الاستقصاء لما استطعت، والأمر واضح أن الشيخين لا يخرجان من حديث المُتَكَلَّم فيهم ما ينصبُّ عليه الجرح، بل ينتقيان من حديث المُتَكَلَّم فيهم ما لا ينطبق عليه الجرح، فعندما يكون في الراوي كلام معتبر في أحد شيوخه فإن البخاري إن روى عنه إنما يروي عنه ما ليس عن شيخه المُتَكَلَّم في روايته عنه، وهكذا على هذا النحو.

٢- ولأنه كما قال أبو عبد الله السيد محمد بن إبراهيم الوزير رحمه الله: ""فينبغي من القاصرين الاعتراف لأهل الإتقان بالإمامة والتقدم في علومهم، وكفُّ أكفِّ الاعتراض على إمامي المحدثين: البخاري ومسلم وأمثالهما، ومن وقف على قدح في بعض رواتهما أو تعليل لبعض حديثهما، وكان ذلك من النادر الذي لم يتلق بالقبول، فالذي يَقْوى عندي وجوبُ العمل بذلك؛ لأن القدح محتمل، والثقة العارف إذا قال: إن الحديث صحيح عنده وجزم بذلك، ولم يكن له في التصحيح قاعدة معلومة الفساد، وجب قبول حديثه بالأدلة العقلية والسمعية الدالة على قبول خبر الواحد، وليس ذلك بتقليدٍ له، بل عمل بمقتضى ما أوجب الله تعالى من قبول أخبار الثقات ... """١".

٣- ولأن كثيراً من الرواة الذين اختُلف فيهم جرحاً وتعديلاً قد انعقد


١ الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم، صلى الله عليه وسلم: ٨٠.

<<  <   >  >>