يتكرر في هذه الرسالة الرواةُ المجروحون بالبدعة، وهذا يقتضي تبَيُّنَ حُكْم رواية المبتدع؛ لذا أرى من المناسب إبراز بعض النقولات لبعض أهل العلم في الكلام على حكم رواية المبتدع، ونبدأ بالإمام الذهبي.
قال الذهبي في حكم رواية المبتدع:"قلت: هذه مسألة كبيرة، وهي: القدَري، والمعتزلي والجَهْمي والرافضي، إذا عُلِم صدقُه في الحديث وتقواه، ولم يكن داعياً إلى بدْعته، فالذي عليه أكثرُ العلماء قَبولُ روايته، والعمل بحديثه، وترددوا في الداعية، هل يُؤخذ عنه؟ فذهب كثير من الحفَّاظ إلى تجنُّب حديثه، وهجرانه، وقال بعضهم: إذا علمنا صدقَه، وكان داعية، ووجدنا عنده سُنَّة تفرَّد بها، فكيف يسوغُ لنا ترك تلك السنة؟ فجميع تصرفات أئمة الحديث تؤْذِنُ بأن المبتدع إذا لم تُبِح بدعتُه خروجَه من دائرة الإسلام، ولم تُبح دمَه، فإن قبول ما رواه سائغ.
وهذه المسألة لم تتبرهن لي كما ينبغي، والذي اتضح لي منها أن من دخل في بدعة، ولم يُعدَّ من رؤوسها، ولا أمعن فيها، يُقَبلُ حديثُه كما مثل الحافظ أبو زكريا [يحيى بن معين] بأولئك المذكورين، وحديثهم في كتب الإسلام لصدقهم وحفظهم""١".
جاء في "تاريخ الثقات" لابن حبان، في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي ما نصه: "ليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة، ولم يكن يدعو إليها، أن الاحتجاج بأخباره جائز، فإذا دعا