للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فمات فكُلوه". يقول: "نَضَبَ الماءُ: إذا غار ونَفِد ومنه الحديث: "كنَّا على شاطئ النهر بالأهواز وقد نَضَبَ عنه الماء". وقد يُستعار للمعاني، ومنه حديث: "نَضَبَ عُمْرُه"أي نَفِدَ".

وفي مادة (دأل) يورد حديث خزيمة (١) : "إنَّ الجنة محظورٌ عليها بالدآليل". ويقول: "أي: بالدواهي والشدائدِ. وهذا كقوله: "حُفَّت الجنةُ بالمكاره".

وفي مادة (نكر) يورد حديث أبي سفيان (٢) : "إنَّ محمداً لم يُناكِرْ أحداً قطُّ إلا كانت معه الأهوالُ". ويقول: "أي: لم يحارب، والأهوالُ: المخاوِفُ"

ولم يكن ابن الأثير يحرص على أن يستشهد على معنى الغريب الذي عقد له المادة اللغوية بالقرآن الكريم، ومن هنا ندرت الشواهد القرآنية في"النهاية". ومن ذلك استشهاده بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} [الإسراء الآية: ٢٠] على مادة الحَظْر بمعنى المنع (٣) .واستشهاده بقوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً} [يوسف الآية: ٨٠] على مادة (خلص) (٤) أي: تميَّزُوا عن الناس متناجِين.

وقد يركن إلى بعض القراءات المتواترة أو الشاذة ليُجلي المعنى الذي يذهب إليه في شرح غريبه. ففي مادة (طيف) يقول (٥) : "وأصل الطَّيف الجنون، ثم استعمل في الغضب ومَسِّ الشيطان ووسوسته، ويقال له: طائف.


(١) النهاية: ٢ / ٩٥.
(٢) النهاية: ٥ / ١١٤.
(٣) النهاية: ١ / ٤٠٥.
(٤) النهاية: ٢ / ٦١.
(٥) النهاية: ٣ / ١٥٣.

<<  <   >  >>