للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عملُه، وهو مِنْ قولهم: حَبِطَتْ الدابةُ حَبَطاً، إذا أصابَتْ مَرْعىً طيباً فأفْرَطَتْ في الأكل حتى تنتفِخَ فتموت".

٣ ـ وقد يسوق ابنُ الأثير في"نهايته"الاحتمالاتِ المختلفةَ لمعاني اللفظ الغريب، في الحديث الذي يورده. وفي ذلك فُسْحَةٌ لمن يطالع في كتابه لاختيار ما يراه مناسباً لمعنى الحديث ومقاصِدِه، وهذا يَدُلُّ على اطِّلاعه على أقوال علماء الحديث والغريب، في فهم منطوق الحديث. ففي حديث الصدِّيق (١) لمَّا عُرِض عليه كلامُ مسيلَمة قال: "إنَّ هذا لم يَخْرُجْ من إلّ". يقول: "أي: من رُبُوبيَّةٍ، والإلُّ هو الله تعالى. وقيل: الإلُّ هو الأصلُ الجيد. وقيل: الإلُّ النسَبُ والقرابة فيكون المعنى: إنَّ هذا كلامٌ غيرُ صادرٍ عن مناسبة الحق، والإدلاء بسببٍ بينه وبين الصدق".

وفي حديث (٢) : "فجعل المشركون يُرْبِسُون به العبَّاس"يقول: "يَحتمل أن يكون من الإرْباس وهو المراغَمَةُ، أي: يُسْمِعونه ما يُسْخِطُه ويَغيظُه، ويحتمل أن يكونَ من قولِهم: جاؤوا بأمورٍ رُبْسٍ أي: سُود، ويحتمل أن يكون من الرَّبيس، وهو المُصاب بمالٍ أو غيره أي: يُصيبون العباس بما يَسُوءُه".

ولابن الأثير حِسٌّ لغويٌّ دقيق في تعليل التسمية، التي تُطْلق على اللفظ الغريب الذي يبحث فيه. وقد أَوْلَى هذا الجانبَ من مفردات اللغة عنايةً كبيرة؛ ممَّا يَدُلُّ على فقهٍ واسعٍ بمنطوق اللغة، وتعليل مسمَّياتها. فهو يعرِّف الارْش (٣) بقوله: "وهو الذي يأخذه المشتري من البائع، إذا اطَّلَعَ على عيبٍ في


(١) النهاية: ١ / ٦١.
(٢) النهاية: ٢ / ١٨٤.
(٣) النهاية: ١ / ٣٩.

<<  <   >  >>