ومن خلال"النهاية"يستفيد أهل الحديث من الوقوف على هذه الروايات المتعددة التي كان ابن الأثير يحرص على سردها للحديث الواحد وبيان مقاصدها.
٢ ـ حرص ابن الأثير على نسبة طائفة من الأقوال إلى أصحابها، والروايات إلى مصنفاتها، ويفسح ذلك أمام الباحثين العودة إلى أصول هذه الأقوال والروايات في مظانها المطبوعة أو المخطوطة لمتابعة بحوثهم وأحكامهم حولها، فبعض الأقوال تجده في بعض المعاجم والمصنفات، غير مَعْزُوّ إلى أحد، في حين أنّ صاحب"النهاية"يعزوه إلى صاحبه أو مصنفه. ومن هنا فإنَّ كتاب"النهاية"مصدر اعتمده كثير من الباحثين الذين يدرسون مناهج التأليف في علوم الحديث واللغة، ويتتبعون مذاهب أصحابها؛ لأنَّه عزا كثيراً من النصوص إلى قائليها.
٣ ـ كتاب النهاية مصدر ثرّ لأقوال الصحابة والتابعين، إضافة إلى الأحاديث الشريفة المرفوعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن خلاله يستوعب الدارسون أقوال طائفة كبيرة من أعلام السلف، الذين نثرَ ابنُ الأثير أقوالهم في كتابه من مثل: النخعي، وقتادة، والزهري، وسفيان، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وغيرهم. فنقرأ جوانب من فقههم وآدابهم وعزائمهم في عبادتهم، وورعهم في معاملاتهم مع الناس، وأساليب معيشتهم مع أُسَرهم وأفراد المجتمع من حولهم.
ومجموع هذه الأقوال - بعد تطبيق قواعد الجرح والتعديل عليها، وما يتبعها من الصناعة الحديثية - يعطي صورة عن حياة طائفة من السلف في