للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلا أنَّه ليس بالكبير" (١) وكتاب أبي عدنان هذا دليلٌ واضح على أنَّ الاعتماد على الرواية والأسانيد في نقل تفسير الألفاظ كان المنطلق الذي انطلقت منه بواكير المؤلفات في غريب الحديث. قال ابن الصَّلاح (٢) : "أصل الإسناد أولاً خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة، وسُنَّة بالغة من السنن المؤكدة، رُوِّينا من غير وجه عن عبد الله بن المبارك -رضي الله عنه- أنه قال: الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".

ويُعَدُّ كتاب"غريب الحديث"لأبي عبيد القاسم بن سلام (٣) المتوفى سنة ٢٢٤هـ أول كتابٍ وصَلَنا في هذا الفن. يقول هلال بن العلاء الرَّقِّي (٤) : "مَنَّ الله على هذه الأمة بأربعة، وعدَّد منهم: أبا عبيد إذ فسَّر غرائب حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "وقد حظي كتاب أبي عبيد بتقدير وافر لدى علماء الغريب. يقول ابن قتيبة (٥) : "وقد كان تَعَرُّف هذا وأشباهِه عسيراً فيما مضى على طلبة العلم، لحاجته إلى أن يُسأل عنه أهل اللغة. ومن يكمل فَهْمُه منهم ليفسر غريب الحديث وَفْتقَ معانيه وإظهار غوامضه قليل. فأمَّا في زماننا هذا فقد كُفِي حملةُ الحديث مؤونةَ التفسير والبحث بما ألَّفه أبو عبيد".

يبدأ أبو عبيد كتابه بسند مطوَّل يذكر فيه حديث "زُوِيت لي الأرض فأُرِيت مشارقَها ومغاربَها " فيتحدث عن معاني مادة"زوى"، وينقل شرحها من


(١) تاريخ بغداد: ١٢/٤٠٥، وانظر: الفهرست: ص / ٥١، وإنباه الرواة: ٤/١٤٨.
(٢) مقدمة ابن الصَّلاح: ص / ٢٣١.
(٣) انظر في ترجمته: وفيات الأعيان: ٤/٦١، سير أعلام النبلاء: ١٠/ ٤٩٠، والبغية: ٢/٢٥٣.
(٤) معرفة علوم الحديث للحاكم: ص / ١٢١.
(٥) غريب الحديث له: ١ / ١٥٠، وانظر: تاريخ بغداد: ١٢ / ٤٠٥.

<<  <   >  >>